٤

وما تأتيهم من . . . . .

{وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }{ مِنْ } الأولى زائدة لاستغراق الجنس ، ومعنى الزيادة فيها أن ما

بعدها معمول لما قبلها فاعل بقوله { تَأْتِيَهُمُ } فإذا كانت النكرة بعدها مما لا يستعمل إلا في النفي العام ، كانت { مِنْ } لتأكيد الاستغراق نحو ما في الدار من أحد ، وإذا كانت مما يجوز أن يراد بها الاستغراق ، ويجوز أن يراد بها نفي الوحدة أو نفي الكمال كانت { مِنْ } دالة على الاستغراق نحو ما قام من رجل ، و { مِنْ } الثانية للتبعيض .

قال الزمخشري : يعني وما يظهر لهم قط دليل من الأدلة التي يجب فيها النظر والاستدلال والاعتبار إلا كانوا عنه { مُعْرِضِينَ } تاركين للنظر ، لا يلتفتون إليه ولا يرفعون به رأساً لقلة خوفهم وتدبرهم للعواقب ؛ انتهى . واستعمال الزمخشري قط مع المضارع في قوله : وما يظهر لهم قط دليل ليس بجيد ، لأن قط ظرف مختص بالماضي إلا إن كان أراد بقوله : وما يظهر وما ظهر ولا حاجة إلى استعمال ذلك .

وقيل :{ الاْيَةَ } هنا العلامة على وحدانية اللّه وانفراده بالألوهية .

وقيل : الرسالة .

وقيل : المعجز الخارق .

وقيل : القرآن ومعنى { عَنْهَا } أي : عن قبولها أو سماعها ، والإعراض ضد الإقبال وهو مجاز إذ حقيقته في الأجسام ، والجملة من قوله :{ كَانُواْ } ومتعلقها في موضع الحال فيكون { تَأْتِيَهُمُ } ماضي المعنى لقوله :{ كَانُواْ } أو يكون { كَانُواْ } مضارع المعنى لقوله :{ تَأْتِيَهُمُ } وذو الحال هو الضمير في { تَأْتِيَهُمُ } ، ولا يأتي ماضياً إلا بأحد شرطين

أحدهما : أن يسبقه فعل كما في هذا الآية ، والثاني أن تدخل على ذلك الماضي قد نحو ما زيد إلا قد ضرب عمراً ، وهذا التفات وخروج من الخطاب إلى الغيبة والضمير عائد على { الَّذِينَ كَفَرُواْ} وتضمنت هذه الآية مذمة هؤلاء { الَّذِينَ كَفَرُواْ } بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم ، ولما تقدّم الكلام أولاً في التوحيد وثانياً في المعاد وثالثاً في تقرير هذين المطلوبين ، ذكر بعد ذلك ما يتعلق بتقرير النبوة وبين فيه أنهم أعرضوا عن تأمل الدلائل ، ويدل ذلك على أن التقليد باطل وأن التأمل في الدلائل واجب ولذلك ذموا بإعراضهم عن الدلائل .

﴿ ٤