٨٧وإن كان طائفة . . . . . {وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مّنكُمْ ءامَنُواْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّه بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } هذا الكلام من أحسن ما تلطف به في المحاورة إذ برز المتحقق في صورة المشكوك فيه وذلك أنه قد آمن به طائفة بدليل قول المستكبرين عن الإيمان لنخرجنّك يا شعيب والذين آمنوا معك وهو أيضاً من بارع التقسيم إذ لا يخلو قومه من القسمين والذي أرسل به هنا ما أمرهم به من إفراد اللّه تعالى بالعبادة وإيفاء الكيل والميزان ونهاهم عنه من البخس والإفساد والقعود المذكور ومتعلق { لَمْ يُؤْمِنُواْ } محذوف دلّ عليه ما قبله وتقديره لم يؤمنوا به والخطاب بقوله { مّنكُمْ } لقومه وينبغي أن يكون قوله { فَاصْبِرُواْ } خطاباً لفريقي قومه من آمن ومن لم يؤمن { بَيْنِنَا } أي بين الجميع فيكون ذلك وعداً للمؤمنين بالنصر الاذي هو نتيجة الصّبر فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا وعيداً للكافرين بالعقوبة والخسار ، و قال ابن عطية : المعنى وإن كنتم يا قوم قد اختلفتم علي وشعبتم بكفركم أمري فآمنت طائفة وكفرت طائفة فاصبروا أيها الكفرة حتى يأتي حكم اللّه بيني وبينكم ففي قوله فاصبروا قوة التهديد والوعيد هذا ظاهر الكلام وأنّ المخاطبة بجميع الآية للكفار ، قال النقاش وقال مقاتل بن سليمان : المعنى { فَاصْبِرُواْ } يا معشر الكفار قال : وهذا قول الجماعة انتهى ، وهذا القول بدأ به الزمخشري ، فقال { فَاصْبِرُواْ } فتربصوا وانتظروا { حَتَّى يَحْكُمَ اللّه بَيْنَنَا } أي بين الفريقينن بأن ينصر المحقين على المبطلين ويظهرهم عليهم وهذا وعيد للكافرين بانتقام اللّه تعالى منهم لقوله تعالى { فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبّصُونَ } انتهى . قال ابن عطية : وحكى منذر بن سعيد عن أبي سعيد أنّ الخطاب بقوله فاصبروا للمؤمنين على معنى الوعد لهم وقاله مقاتل بن حيان انتهى وثنى به الزمخشري فقال أو هو موعظة للمؤمنين وحثّ على الصبر واحتمال ما كان يلحقهم من أذى المشركين إلى أن يحكم اللّه بينهم وينتقم لهم منهم انتهى ، والذي قدمناه أولاً من أنه خطاب للفريقين هو قول أبي علي وأتى به الزمخشري ثالثاً فقال : ويجوز أن يكون خطاباً للفريقين ليصبر المؤمنون على أذى الكفار وليصبر الكفار على ما يسوءهم من إيمان من آمن منهم حتى يحكم اللّه فيميز الخبيث من الطيّب انتهى ، وهو جار على عادته من ذكر تجويزات في الكلام توهّم أنها من قوله وهي أفعال للعلماء المتقدمين { وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } لأنّ حكمه عدل لا يخشى أن يكون يه حيف وجور . |
﴿ ٨٧ ﴾