٢٦

للذين أحسنوا الحسنى . . . . .

رهقه غشيه ،

وقيل : لحقه ومنه . ولا ترهقني من أمري عسراً ، ورجل مرهق يغشاه الأضياف . وقال الأزهري : الرهق اسم من الإرهاق ، وهو أن يحمل الإنسان على نفسه ما لا يطيق . يقال : أرهقته أن يصلي إذا أعجلته عن الصلاة .

وقيل : أصل الرهق المقاربة ، يقال : غلام مراهق أي قارب الحلم . وفي الحديث :  { أرهقوا القبلة } أي ادنوا منها .

ويقال : رهقت الكلاب الصيد إذا لحقته ، وأرهقنا الصلاة أخرناها حتى تدنو من الأخرى .

القتر والقترة الغبار الذي معه سواد ، وقال ابن عرفة : الغبار . وقال الفرزدق : متوج برداء الملك يتبعه

موج ترى فوقه الرايات والقترا

أي غبار العسكر . وقال ابن بحر : أصل القتر دخان النار ، ومنه قتار القدر انتهى .

ويقال : القتر بسكون التاء الشأن والأمر ، وجمعه شؤون . وأصله الهمز بمعنى القصد من شأنت شأنه إذا قصدت قصده . عزب يعزب ويعزب بكسر الزاي وضمها غاب حتى خفي ، ومنه الروض العازب . وقال أبو تمام : وقلقل نأى من خراسان جأشها

فقلت اطمئني أنضر الروض عازبه

وقيل للغائب عن أهله عازب ، حتى قالوه لمن لا زوجة له .

{لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } : أحسنوا قال ابن عباس : ذكروا كلمة لا إله إلا اللّه . وقال الأصم : أحسنوا في كل ما تعبدوا به أي : أتوا بالمأمور به كما ينبغي ، واجتنبوا المنهى .

وقيل : أحسنوا معاملة الناس . وروي أنس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { أحسنوا العمل في الدنيا } وفي الصحيح :  { ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد اللّه كأنك تراه ، فإنْ لم تكن تراه فإنه يراك } وعن عيسى عليه السلام : { ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك ذلك مكافأة ، ولكنّ الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك} .

والحسنى قال الأكثرون : هي الجنة ، وروي ذلك عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ولو صح وجب المصير إليه . وقال الطبري : الحسنى عام في كل حسن ، فهو يعم جميع ما قبل ووعد اللّه في جميعها بالزيادة ، ويؤيد ذلك أيضاً قوله : أولئك أصحاب الجنة . ولو كان معنى الحسنى الجنة لكان في القول تكرير في المعنى . وقال عبد الرحمن بن سابط : هي النضرة . وقال ابن زيد : الجزاء في الآخرة .

وقيل : الأمنية ذكره ابن الأنباري .

وقال الزمخشري : المثوبة الحسنى وزيادة ، وما يزيد على المثوبة وهو التفضل ، ويدل عليه قوله تعالى :{ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } وعن علي : الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة .

وعن ابن عباس : الحسنى الحسنة والزيادة عشرة أمثالها . وعن الحسن : عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وعن مجاهد : الزيادة مغفرة من اللّه ورضوان . وعن زياد بن شجرة : الزيادة أنّ تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ما تريدون أن أمطركم ؟ فلا يريدون شيئاً إلا أمطرتهم . وزعمت المشبهة والمجبرة أن الزيادة النظر إلى وجه اللّه تعالى ، وجاءت بحديث موضوع :{ إِذَا دَخَلُواْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةِ الَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي الاْرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ } انتهى . أما تفسيره أولا ونقله عمن ذكر تفسير الزيادة فهو نص الجبائي ونقله ،

وأما قوله : وجاءت بحديث موضوع فليس بموضوع ، بل خرجه مسلم في صحيحه عن صهيب ، والنسائي عنه عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وخرجه ابن المبارك في دقائقه موقوفاً على أبي موسى وقال : بأن الزيادة هي النظر إلى اللّه تعالى أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، في رواية وحذيفة ، وعبادة بن الصامت ، وكعب بن عجرة ، وأبو موسى ، وصهيب ، وابن عباس في رواية ، وهو قول جماعة من التابعين . ومسألة الرؤية يبحث فيها في أصول الدين . قال مجاهد : أراد ولا يلحقها خزي ، والخزي يتغير به الوجه ويسود . قال ابن ابن عباس : والذلة الكآبة . وقال غيره : الهوان .

وقيل : الخيبة نفي عن المحسنين ما أثبت للكفار من قوله :{ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } وقوله :{ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } وكنى بالوجه عن الجملة لكونه أشرفها ، ولظهور أثر السرور والحزن فيه .

وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وعيسى بن عمر ، والأعمش : قتر بسكون التاء ، وهي لغة كالقدر ، والقدر وجعلوا أصحاب الجنة لتصرفهم فيها كما يتصرف الملاك على حسب اختيارهم .

﴿ ٢٦