٣٠{هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّه مَوْلَاهُمُ الْحَقّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } : هنالك ظرف مكان أي : في ذلك الموقف والمقام المقتضي للحيرة والدهش . وقيل : هو إشارة إلى الوقت ، استعير ظرف المكان للزمان أي : في ذلك الوقت . وقرأ الإخوان وزيد بن علي : تتلوا بتاءين أي : تتبع وتطلب ما أسلفت من أعمالها ، قاله السدي . ومنه قول الشاعر : إن المريب يتبع المريبا كما رأيت الذيب يتلو الذيبا قيل : ويصح أن يكون من التلاوة وهي القراءة أي : تقرأ كتبها التي تدفع إليها . وقرأ باقي السبعة : تبلوا بالتاء والبائ أي : تختبر ما أسلفت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن ، أنافع أم ضار ، أمقبول أم مردود ؟ كما يتعرف الرجل الشيء باختباره . وروي عن عاصم : نبلوا بنون وباء أي : نختبر . وكل نفس بالنصب ، وما أسلفت بدل من كل نفس ، أو منصوب على إسقاط الخافض أي : ما أسلفت . أو يكون نبلوا من البلاء وهو العذاب أي : نصيب كل نفس عاصية بالبلاء بسبب ما أسلفت من العمل المسيء . وعن الحسن تبلو تتسم . وعن الكلبي : تعلم . وقيل : تذوف . وقرأ يحيى بن وثاب : وردوا بكسر الراء ، لما سكن للإدغام نقل حركة الدال إلى حركة الراء بعد حذف حركتها . ومعنى إلى اللّه إلى عقابه . وقيل : إلى موضع جزائه مولاهم الحق ، لا ما زعموه من أصنامهم ، إذ هو المتولي حسابهم . فهو مولاهم في الملك والإحاطة ، لا في النصر والرحمة . وقرىء الحق بالنصب على المدح نحو : الحمد للّه أهل الحمد . وقال الزمخشري : كقولك هذا عبد اللّه الحق لا الباطل ، على تأكيد قوله : ردوا إلى اللّه انتهى . وقال أبو عبد اللّه الرازي : وردوا إلى اللّه ، جعلوا ملجين إلى الإقرار بالإلهية بعد أن كانوا في الدنيا يعبدون غير اللّه ، ولذلك قال : مولاهم الحق . وضل عنهم أي : بطل وذهب ما كانوا يفترونه من الكذب ، أو من دعواهم أنّ أصنامهم شركاء للّه سافعون لهم عنده . |
﴿ ٣٠ ﴾