سورة الكهف

مكية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

{سقط : إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ، أولئك لهم جنات عدن تجري من

تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا }

١

الحمد للّه الذي . . . . .

بخع يبخع بخعاً وبخوعاً أهلك من شدة الوجد وأصله الجهد قاله الأخفش والفراء . وفي حديث عائشة ذكرت عمر فقالت : بخع الأرض أي جهدها حتى أخذ ما فيها من أموال الملوك . وقال الكسائي : بخع الأرض بالزراعة جعلها ضعيفة بسبب متابعة الحراثة . وقال الليث : بخع الرجل نفسه قتلها من شدة وجده . وأنشد قول الفرزدق : ألا أيهذا الباخغ الوجد نفسه

لشيء نحته عن يديه المقادير

أي نحّته بشد الحاء فخفف . قال أبو عبيدة : كان ذو الرمّة ينشد الوجد بالرفع . وقال الأصمعي : إنما هو الوجد بالفتح انتهى . فيكون نصبه على أنه مفعول من أجله . جرزت الأرض بقحط أو جراد أو نحوه : ذهب نباتها وبقيت لا شيء فيها وأرضون أجراز ،

ويقال : سنة جرز وسنون أجراز لا مطر فيها ، وجرز الأرض الجراد أكل ما فيها ، وامرأة جروز أي أكول . قال الشاعر : إن العجوز خبة جروزا

تأكل كل ليلة قفيزاً

الكهف النقب المتسع في الجبل فإن لم يك واسعاً فهو غار . وقال ابن الأنباري . حكي اللغويون أنه بمنزلة الغار في الجبل . الرقيم : فعيل من رقم إما بمعنى مفعول

وإما بمعنى فاعل ، ويأتي إن شاء اللّه الاختلاف في المراد به عن المفسرين . فأما قول أمية بن أبي الصلت : وليس بها إلاّ الرقيم مجاورا

وصيدهم والقوم في الكهف همد

فعني به كلبهم . أحصي الشيء حفظه وضبطه . الشطط : الجور وتعدّي الحد والغلو . وقال الفراء : اشتط في الشؤم جاوز القدر ، وشط المنزل بعد شطوطاً ، وشط الرجل وأشط جار ، وشطت الجارية شطاطاً وشطاطة طالت . تزورّ : تروع وتميل . وقال الأخف ٥ : تزور تنقبض انتهى . والزور الميل والأزور المائل بعينه إلى ناحية ، ويكون في غير العين . قال ابن أبي ربيعة :

وجبني خيفة القوم أزوره

وقال عنترة :

فازور من وقع القنا بلبانه

وشكا إليّ بعبرة وتحمحم

وقال بشر بن أبي حازم تؤمّ بها الحداة مياه نخل

وفيها عن أبانين ازورار

ومنه زاره إذا مال إليه ، والزور الميل عن الصدق . قرض الشيء قطعه ، تقول العرب : قرضت موضع . كذا أي قطعته . وقال ذو الرمّة : إلى ظعن يقوضن أجواز مشرف

شمالاً وعن أيمانهنّ الفوارس

وقال الكوفيون : قرضت موضع كذا جاذبته ، وحكوا عن العرب قرضته قبلاً ودبراً . الفجوة : المتسع من الفجاء وهو تباعد ما بين الفخذين ، رجل أفجأ وامرأة فجواء وجمع الفجوة فجآء . اليقظ المتنبه وجمعه أيقاظ كعضد وأعضاد ، ويقاظ كرجل ورجال ورجل يقظان وامرأة يقظى . الرقاد معروف وسمي به علماً . الوصيد الفناء .

وقيل : العتبة .

وقيل : الباب . قال الشاعر : بأرض فضاء لا يسد وصيدها

عليّ ومعروفي بها غير منكر

الورق الفضة مضروبة وغير مضروبة . السرادق قال أبو منصور الجواليقي : هو فارسي معرب وأصله سرادار وهو الدهليز . قال الفرزدق : تمنيتهم حتى إذا ما لقيتهم

تركت لهم قبل الضراب السرادقاً

وبيت مسردق أي ذو وسرادق . المهل : ما أذيب من جواهر الأرض .

وقيل دردي الزيت . شوى اللحم : أنضجه من غير مرق . السوار : ما جعل في الذراع من ذهب أو فضة أو نحاس أو رصاص ويجمع على أسورة في القلة كخمار وأخمرة ، وعلى خمر وفي الكثرة كخمار وخمر إلاّ أنه تسكن عينه إلاّ في الشعر فتحرك ، وأساور جمع أسورة . وقال أبو عبيدة : جمع أسوار ويقال لكل ما في الذراع من الحليّ وعنه وعن قطرب : هو على حذف الزيادة وأصله أساوير . وأنشد ابن الأنباري : واللّه لولا صبية صغار

كأنما وجوههم أقمار

تضمهم من الفنيك دار

أخاف أن يصيبهم إقتار

أو لاطم ليس له أسوار

لما رآني ملك جبار

ببابه ما وضح النهار

السندس رقيق الديباج ، والإستبرق ما غلظ منه ، والإستبرق رومي عرب وأصله استبره أبدلوا الهاء قافاً قاله ابن قتيبة .

وقيل : مسمى بالفعل وهو إستبرق من البريق فقطعت بهمزة وصله .

وقيل : الإستبرق اسم الحرير . وقال المرقش : تراهنّ يلبسن المشاعر مرة

وإستبرق الديباج طور إلباسها

وقال ابن بحر : الإستبراق المنسوج بالذهب . الأريكة السرير في حجلة ، فإن كان وحده فلا يسمى أريكة . وقال الزجاج : الأرائك الفرش في الحجال .

{الْحَمْدُ للّه الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مّن لَّدُنْهُ وَيُبَشّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللّه وَلَدًا مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لائَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىءاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَاذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاْرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}

هي مكية كلها إلا في قوله .

وعن ابن عباس وقتادة إلاّ قوله { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } الآية فمدنية . وقال مقاتل : إلاّ من أولها إلى { جُرُزاً } ومن قوله { إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } الآيتين فمدني . وسبب نزولها أن قريشاً بعثت النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة ، فقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصِفالهم صفته فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألاهم فقالت : سلوه فإن أخبركم بهنّ فهو نبيّ مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ، فإنه كان لهم حديث عجيب ، وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان بناؤه ، وسلوه عن الروح فأقبل النضر وعقبة إلى مكة فسألوه فقال : { غداً أخبركم } ولم يقل إن شاء اللّه ، فاستمسك الوحي خمسة عشر يوماً فأرجف كفار قريش ، وقالوا : إن محمداً قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن .

وقال بعضهم : قد عجز عن أكاذيبه فشق ذلك عليه ، فلما انقضى الأمد جاءه الوحي بجواب الأسئلة وغيرها .

وروي في هذا السبب أن اليهود قالت : إن أجابكم عن الثلاثة فليس بنيّ ، وإن أجاب عن اثنتين وأمسك عن الأخرى فهو نبيّ . فأنزل اللّه سورة أهل الكهف وأنزل بعد ذلك { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أن لما قال { وَبِالْحَقّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقّ نَزَلَ } وذكر المؤمنين به أهل العلم وأنه يزيدهم خشوعاً ، وأنه تعالى أمر بالحمد له وأنه لم يتخذ ولداً ، أمره تعالى بحمده على إنزال هذا الكتاب السالم من العوج القيم على كل الكتب المنذر من اتخذ ولداً ، المبشر المؤمنين بالإجر الحسن . ثم استطرد إلى حديث كفار قريش والتفت من الخطاب في قوله { وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا } إلى الغيبة في قوله { عَلَى عَبْدِهِ } لما في { عَبْدِهِ } من الإضافة المقتضية تشريفه ، ولم يجيء التركيب أنزل عليك .

{وَالْكِتَابِ } القرآن ، والعوج في المعاني كالعوج في الأشخاص ونكر

{عِوَجَا } ليعم جميع أنواعه لأنها نكرة في سياق النفي ، والمعنى أنه في غاية الإستقامة لا تناقض ولا اختلاف في معانيه ، لا حوشية ولا عيّ في تراكيبه ومبانيه .

﴿ ١