٤

قال رب إني . . . . .

وقرأ الجمهور : { وَهَنَ } بفتح الهاء .

وقرأ الأعمش بكسرها . وقرىء بضمها لغات ثلاث ، ومعناه ضعف وأسند الوهن إلى العظم لأنه عمود

البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه ، فإذا وهن تداعى ما وراءه وتساقطت قوته ، ولأنه أشد ما فيه وأصلبه فإذا وهن كان ما وراءه أو هن ووحد { الْعِظَامَ } لأنه يدل على الجنس ، وقصد إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام ، وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ولو جمع لكان قصداً آخر وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها . وقال قتادة : اشتكى سقوط الأضراس . قال الكرماني : وكان له سبعون سنة .

وقيل : خمس وسبعون .

وقيل : خمس وثمانون .

وقيل : ستون .

وقيل : خمس وستون . وشبه الشيب بشواظ النار في بياضه وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ باشتعال النار ثم أخرجه مخرج الاستعارة ، ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس ، وأخرج الشيب مميزاً ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكرياء فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة قاله الزمخشري ، وإلى هذا نظر ابن دريد . فقال : واشتعل المبيض في مسوده

مثل اشتعال النار في جزل الغضا وبعضهم أعرب { شِيباً } مصدراً قال : لأن معنى { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ } شاب فهو مصدر من المعنى .

وقيل : هو مصدر في موضع نصب على الحال ، واشتعال الرأس استعارة المحسوس للمحسوس إذ المستعار منه النار والمستعار له الشيب ، والجامع بينهما الانبساط والانتشار { وَلَمْ أَكُنْ } نفي فيما مضى أي ما كنت { بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً } بل كنت سعيداً موفقاً إذ كنت تجيب دعائي فأسعد بذلك ، فعلى هذا الكاف مفعول .

وقيل : المعنى { بِدُعَائِكَ } إلى الإيمان { شَقِيّاً } بل كنت ممن أطاعك وعبدك مخلصاً . فالكاف على هذا فاعل والأظهر الأول شكراً للّه تعالى بما سلف إليه من إنعامه عليه ، أي قد أحسنت إليّ فيما سلف وسعدت بدعائي إياك فالإنعام يقتضي أن تجيبني آخر كما أجبتني أولاً .

وروي أن حاتماً الطائي أتاه طالب حاجة فقال : أنا أحسنت إليك وقت كذا ، فقال حاتم : مرحباً بالذي توسل بنا إلينا وقضى حاجته .

﴿ ٤