٢٥وهزي إليك بجذع . . . . . ثم أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع . وقالت فَرِقة : بل كانت النخلة مطعمة رطباً . وقال السدّي : كان الجذع مقطوعاً وأجى تحته النهر لجنبه ، والظاهر أن المكلم هو عيسى وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا ظهرت لها آيات تسكن إليها وحزنها لم يكن لفقد الطعام والشراب حتى تتسلى بالأكل والشرب ، ولكن لما ظهر في ذلك من خرق العادة حتى يتبين لقومها أن ولادتها من غير فحل ليس ببدع من شأنها . قال ابن عباس : كان جذعاً نخراً فلما هزت إذ السعف قد طلع ثم نظرت إلى الطلع يخرج من بين السعف ، ثم اخضر فصار بلحاً ، ثم احمر فصار زهواً ثم رطباً كل ذلك في طرفة عين ، فجعل الرطب يقع من بين يديها لا يتسرح منه شيء . وإلى حرف بلا خلاف ويتعلق بقوله { وهُزِّي } وهذا جاء على خلاف ما تقرر في علم النحو من أن الفعل لا يتعدى إلى الضمير المتصل ، وقد رفع الضمير المتصل وليس من باب ظن ولا فقد ولا علم وهما لمدلول واحد لا يقال : ضربتك ولا زيد ضربه أي ضرب نفسه ولا ضربني إنما يؤتى في مثل هذه التراكيب بالنفس فتقول : ضربت نفسك وزيد ضرب نفسه وضربت نفسي والضمير المجرور عندهم كالضمير المنصوب فلا تقول : هززت إليك ولا زيد هز إليه ولا هززت إلى ولهذا زعموا في قول الشاعر : دع عنك نهياً صيح في حجراته ولكن حديثاً ما حدثت الرواحل وفي قول الآخر : وهوّن عليك فإن الأمو ر بكف الإله مقاديرها إنّ عن وعلى ليسا حرفين وإنما هما اسمان ظرفان ، وهذا ليس ببعيد لأن عن وعلى قد ثبت كونهما اسمين في قوله : من عن يمين الحبيا نظرة قبل وفي قوله : غدت من عليه بعدما تم ظمؤها وبعض النحويين زعم أن على لا تكون حرفاً البتة ، وأنها اسم في كل مواردها ونسب إلى سيبويه ، ولا يمكن أن يدعي أن إلى تكون اسماً لإجماع النحاة على حرفى تها كما قلنا . ونظير قوله تعالى { أَنزَلْنَا إِلَيْكَ } قوله تعالى { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } وعلى تقرير تلك القاعدة ينبغي تأويل هذين ، وتأويله على أن يكون قوله { إِلَيْكَ } ليس متعلقاً بهزي ولا باضم ، وإنما ذلك على سبيل البيان والتقدير أعني إليك فهو متعلق بمحذوف كما قالوا في قوله { إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } وما أشبهه على بعض التأويلات . والباء في { بِجِذْعِ } زائدة للتأكيد كقوله { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال أبو عليّ كما يقال : ألقى بيده أي ألقى يده . وكقوله : سود المحاجر لا يقرأن بالسور أي لا يقرأن السور . وأنشد الطبري : فؤاد يمان ينبت السدر صدره وأسفله بالمرخ والسهان وقال الزمخشريأو على معنى أفعلي الهز به . كقوله : يخرج في عراقيبها نصلي قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذلك التحنيك ، وقالوا : كان من العجوة قاله محمد بن كعب . وقيل : ما للنفساء خير من الرطب . وقيل : أذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب . وقرأ الجمهور { تُسَاقِطْ } بفتح التاء والسين وشدها بعد ألف وفتح القاف . وقرأ الأعمش وطلحة وابن وثاب ومسروق وحمزة كذلك إلاّ أنهم خففوا السين . وقرأ حفص { تُسَاقِطْ } مضارع ساقطت . وقرأ أبو السمال تتساقط بتاءين . وقرأ البراء بن عازب والأعمش في رواية يساقط بالياء من تحت مضارع أساقط . وقرأ أبو حيوة ومسروق . تسقط بالتاء من فوق مضمومة وكسر القاف . وعن أبي حيوة كذلك إلاّ أنه بالياء من تحت ، وعنه تسقط بالتاء من فوق مفتوحة وضم القاف ، وعنه كذلك إلاّ أنه بالياء من تحت ، وقال بعضهم في قراءة أبي حيوة هذه أنه قرأ رطب جني بالرفع على الفاعلية ، وأما النصب فإن قرأ بفعل متعد نصبه على المفعول أو بفعل لازم فنصبه على التمييز ، ومن قرأ بالياء من تحت فالفعل مسند إلى الجذع ، ومن قرأ بالتاء فمسند إلى النخلة ، ويجوز أن يكون مسنداً إلى الجذع على حدّ{ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ } وفي قراءة من قرأ يلتقطه بالتاء من فوق . وأجاز المبرد في قوله { رُطَباً } أن يكون منصوباً بقوله { وهزي } أي { وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ } رطباً تساقط عليك ، فعلى هذا الذي أجازه تكون المسألة من باب الإعمال فيكون قد حذف معمول { تُسَاقِطْ } فمن قرأه بالياء من تحت فظاهر ، ومن قرأ بالتاء من فوق فإن كان الفعل متعدياً جاز أن يكون من باب الإعمال ، وإن كان لازماً فلا لاختلاف متعلق هزي إذ ذاك والفعل اللازم . وقرأ طلحة بن سليمان { جَنِيّاً } بكسر الجيم إتباعاً لحركة النون والرزق فإن كان مفروغاً منه فقد وكل ابن آدم إلى سعي ما فيه ، ولذلك أمرت مريم بهز الجذع وعلى هذا جاءت الشريعة وليس ذلك بمناف للتوكل . |
﴿ ٢٥ ﴾