٣٨

فاختلف الأحزاب من . . . . .

{فَاخْتَلَفَ الاْحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } هذا إخبار من اللّه للرسول بتفرق بني إسرائيل فرقاً ، ومعنى { مِن بَيْنِهِمْ } أن الاختلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين لم يقع الاختلاف سببه غيرهم . و { الاْحَزَابِ } قال الكلبي : اليهود والنصارى . وقال الحسن : الذين تحزبوا على الانبياء لما قص عليهم قصة عيسى اختلفوا فيه من بين الناس انتهى . فالضمير في { بَيْنَهُمْ } على هذا ليس عائداً على { الاْحَزَابِ}

وقيل :{ الاْحَزَابِ } هنا المسلمون واليهود والنصارى .

وقيل : هم النصارى فقط .

وعن قتادة إن بني إسرائيل جمعوا أربعة من أحبارهم . فقال أحدهم : عيسى هو اللّه نزل إلى الأرض وأحيا من أحيا وأمات من أمات ، فكذبه الثلاثة واتبعته اليعقوبية . ثم قال أحد الثلاثة : عيسى ابن اللّه فكذبه الاثنان واتبعته النسطورية ، وقال أحد الاثنين : عيسى أحد ثلاثة اللّه إله ، ومريم إله ، وعيسى إله فكذبه

الرابع وأتبعته الإسرائيلية . وقال

الرابع : عيسى عبد اللّه وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فاتبعته فرقة من بني إسرائيل ثم اقتتل الأربعة ، فغلب المؤمنون وظهرت اليعقوبية على الجميع فروي أن في ذلك نزلت { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّه } آية آل عمران ، والأربعة يعقوب ونسطور وملكا وإسرائيل .

وبين هنا أصله ظرف استعمل اسماً بدخول { مِنْ } عليه .

وقيل :{ مِنْ } زائدة .

وقيل البين هنا البعد أي اختلفوا فيه لبعدهم عن الحق . و { مَّشْهِدِ } مفعل من الشهود وهو الحضور أو من الشهادة ويكون مصدراً ومكاناً وزماناً ، فمن الشهود يجوز أن يكون المعنى من شهود هول الحساب والجزاء في يوم القيامة ، وإن يكون من مكان الشهود فيه وهو الموقف ، وأن يكون من وقت الشهود ومن الشهادة ، يجوز أن يكون المعنى من شهادة ذلك اليوم وأن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بالكفر ، وأن يكون من مكان الشهادة ، وأن يكون من وقت الشهادة واليوم العظيم على هذه الاحتمالات يوم القيامة . وعن قتادة : هو يوم قتل المؤمنين حين اختلف الأحزاب

وقيل ما قالوه وشهدوا به في عيسى وأمه يوم اختلافهم ، وتقدم الكلام على التعجب الوارد من اللّه في قوله تعالى { فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ } وأنه لا يوصف بالتعجب .

قال الحسن وقتادة : لئن كانوا صماً وبكماً عن الحق فما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة ، ولكنهم يسمعون ويبصرون حيث لا ينفعهم السمع ولا البصر .

وعن ابن عباس أنهم أسمع شيء وأبصره . وقال علي بن عيسى : هو وعيد وتهديد أي سوف يسمعون ما يخلع قلوبهم ، ويبصرون ما يسود وجوههم . وعن أبي العالية : إنه أمر حقيقة للرسول أي { أَسْمِعْ } الناس اليوم وأبصرهم { بِهِمُ } وبحديثهم ماذا يصنع بهم من العذاب إذا أتوا محشورين مغلولين { لَاكِنِ الظَّالِمُونَ } عموم يندرج فيه هؤلاء الأحزاب الكفارة وغيرهم من الظالمين ، و { الْيَوْمَ } أي في دار الدنيا .

وقال الزمخشري : أوقع الظاهر أعني الظالمين موقع الضمير إشعاراً بأن لا ظلم أشد من ظلمهم حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين يجدي عليهم ويسعدهم ، والمراد بالضلال المبين إغفال النظر والاستماع انتهى .

﴿ ٣٨