٤٢واذكر في الكتاب . . . . . {وَاذْكُرْ } خطاب للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، والمراد اتل عليهم نبأ { إِبْرَاهِيمَ } وذاكره ومورده في التنزيل هو اللّه تعالى ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر قصة مريم وابنها عيسى واختلاف الأحزاب فيهما وعبادتهما من دون اللّه ، وكانا من قبيل من قامت بهما الحياة ذكر الفريق الضال الذي عبد جماداً والفرى قان وإن اشتركا في الضلال ، والفريق العابد الجماد أضل ثم ذكر قصة إبراهيم مع أبيه عليه السلام تذكيراً للعرب بما كان إبراهيم عليه من توحيد اللّه وتبيين أنهم سالكو غير طريقه ، وفيه صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما أخبر به وأن ذلك متلقى بالوحي والصديق من أبنية المبالغة وهو مبني من الثلاثي للمبالغة أي كثير الصدق ، والصدق عرفه في اللسان ويقابله الكذب ، وقد يستعمل في الأفعال والخلق وفيما لا يعقل يقال : صدقني الطعام كذا وكذا قفيزاً ، وعود صدق للصلب الجيد فوصف إبراهيم بالصدق على العموم في أقواله وأفعاله ، والصديقية مراتب ألا ترى إلى وصف المؤمنين بها في قوله { مّنَ النَّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ } ومن غريب النقل ما ذهب إليه بعض النحويين من أن فعيلاً إذا كان من متعد جاز أن يعمل فتقول هذا شريب مسكر كما أعملوا عند البصريين فعولاً وفعالاً ومفعالاً . وقال الزمخشري : والمراد فرط صدقه وكثرة ما صدق به من غيوب اللّه وآياته وكتبه ورسله ، وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل أي كان مصدقاً لجميع الأنبياء وكتبهم وكان { نَبِيّاً } في نفسه لقوله تعالى { بَلْ جَاء بِالْحَقّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } وكان بليغ في الصدق لأن ملاك أمر النبوة الصدق ومصدق اللّه بآياته ومعجزاته حري أن يكون كذلك ، وهذه الجملة وقعت اعتراضاً بين المبدل منه وبدله أعني { إِبْرَاهِيمَ} و { إِذْ قَالَ } نحو قولك : رأيت زيداً ونعم الرجل أخاك ، ويجوز أن تتعلق { إِذْ } بكان أو ب { صِدّيقاً نَّبِيّاً } أي كان جامعاً لخصائص الصديقين والأنبياء حين خاطب أباه تلك المخاطبات انتهى . فالتخريج الأول يقتضي تصرف { إِذْ } وقد تقدم لنا أنها لا تتصرف ، والتخريج الثاني مبني على أن كان لنا قصة وأخواتها تعمل في الظروف وهي مسألة خلاف . والتخريج الثالث لا يصح لأن العمل لا ينسب إلاّ إلى لفظ واحد ، أما أن ينسب إلى مركب من مجموع لفظين فلا ، وجائز أن يكون معمولاً لصديقاً لأنه نعت إلاّ على رأي الكوفيين ، ويحتمل أن يكون معمولاً لنبياً أي منبأ في وقت قوله لأبيه ما قال ، وأن التنبئة كانت في ذلك الوقت وهو بعيد . وقرأ أبو البر هثيم إنه كان صادقاً . |
﴿ ٤٢ ﴾