٣٣ذلك ومن يعظم . . . . . إعراب { ذالِكَ } كإعراب { ذالِكَ } المتقدم ، وتقدم تفسير { شَعَائِرَ اللّه } في أول المائدة ، وأما هنا فقال ابن عباس ومجاهد وجماعة : هي البدن الهدايا ، وتعظيمها تسمينها والاهتبال بها والمغالاة فيها . وقال زيد بن أسلم : الشعائر ست : الصفا ، والمروة ، والبدن ، والجمار ، والمشعر الحرام ، وعرفة ، والركن . وتعظيمها إتمام ما يفعل فيها . وقال ابن عمر والحسن ومالك وابن زيد : مواضع الحج كلها ومعالمه بمنى وعرفة والمزدلفة والصفا والمروة والبيت وغير ذلك ، وهذا نحو من قول زيد بن أسلم . وقيل : شرائع دينه وتعظيمها التزامها والمنافع الأجر ، ويكون والضمير في { فِيهَا } من قوله { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } عائداً على الشعائر التي هي الشرائع أي { لَكُمْ فِى } التمسك بها { مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ } منقطع التكليف { ثُمَّ مَحِلُّهَا } بشكل على هذا التأويل . فقيل : فقيل : الإيمان والتوجه إليه بالصلاة ، وكذلك القصد في الحج والعمرة ، أي محل ما يختص منها بالإحرام { الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } وقيل : معنى ذلك ثم أجرها على رب { الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } قيل : ولو قيل على هذا التأويل أن { الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } الجنة لم يبعدوا الضمير في إنها عائد على الشعائر على حذف مضاف أي فإن تعظيمها أو على التعظمة ، وأضاف التقوى إلى القلوب كما قال عليه الصلاة والسلام : { التقوى ههنا} . وأشار إلى صدره . وعن عمر أنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار فسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بدناً فنهاه عن ذلك وقال : { بل اهدها } وأهدى هو عليه السلام مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب ، وكان ابن عمر يسوق البدن مجللة بالقباطي فيتصدق بلحومها وبجلالها ، ويعتقد أن طاعة اللّه في التقرب بها وإهدائها إلى بيته المعظم أمر عظيم لا بد أن يقام به ويسارع فيه ، وذكر { الْقُلُوبُ } لأن المنافق يظهر التقوى وقلبه خال عنها ، فلا يكون مجداً في أداء الطاعات ، والمخلص التقوى باللّه في قلبه فيبالغ في أدائها على سبيل الإخلاص . وقال الزمخشري : فإن تعظيمها { مِنْ } أفعال ذوي { تَقْوَى الْقُلُوبِ } فحذفت هذه المضافات ، ولا يستقيم المعنى إلاّ بتقديرها لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى { مِنْ } ليتربط به ، وإنما ذكرت { الْقُلُوبُ } لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر أثرها في سائر الأعضاء انتهى . وما قدره عار من راجع إلى الجزاء إلى { مِنْ } ألا ترى أن قوله فإن تعظيمها من أفعال القلوب ليس في شيء منه ضمير يعود إلى { مِنْ } يربط جملة الجزاء بجملة الشرط الذي أداته { مِنْ } وإصلاح ما قاله أن يكون التقدير فأي تعظيمها منه ، فيكون الضمير في منه عائداً على من فيرتبط الجزاء بالشرط . وقرىء { الْقُلُوبُ } بالرفع على الفاعلية بالمصدر الذي هو { تَقْوَى } والضمير في { فِيهَا } عائد على البدن على قول الجمهور ، والمنافع درها ونسلها وصوفها وركوب ظهرها { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو أن يسميها ويوجبها هدياً فليس له شيء من منافعها . قاله ابن عباس في رواية مقسم ، ومجاهد وقتادة والضحاك . وقال عطاء : منافع الهدايا بعد إيجابها وتسميتها هدياً بأن تركب ويشرب لبنها عند الحاجة { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي إلى أن تنحر . وقيل : إلى أن تشعر فلا تركب إلاّ عند الضرورة . وروى أبو رزين عن ابن عباس : الأجل المسمى الخروج من مكة . وعن ابن عباس { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي إلى الخروج والانتقال من هذه الشعائر إلى غيرها . وقيل : الأجل يوم القيامة . وقال الزمخشري : إلى أن تنحر ويتصدق بلحومها ويؤكل منها . و { ثُمَّ } للتراخي في الوقت فاستعيرت للتراخي في الأفعال ، والمعنى أن لكم في الهدايا منافع كثيرة في دنياكم ودينكم وإنما يعبد اللّه بالمنافع الدينية قال تعالى :{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّه يُرِيدُ الاْخِرَةَ } وأعظم هذه المنافع وأبعدها شوطاً في النفع محلها إلى البيت أي وجوب نحرها ، أو وقت وجوب نحرها منتهية إلى البيت كقوله { هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ } والمراد نحرها في الحرم الذي هو في حكم البيت لأن الحرم هو حريم البيت ، ومثل هذا في الاتساع قولك : بلغنا البلد وإنما شارفتموه واتصل مسيركم بحدوده . وقيل : المراد بالشعائر المناسك كلها و { مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } يأباه انتهى . وقال القفال : الهدي المتطوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة فإن محله موضعه ، فإذا بلغ منى فهي محله وكل فجاج مكة . و قال ابن عطية : وتكرر { ثُمَّ } لترتيب الجمل لأن المحل قبل الأجل ، ومعنى الكلام عند هاتين الفريقين يعني من قال مجاهد ومن وافقه ، ومن قال بقول عطاء { ثُمَّ مَحِلُّهَا } إلى موضع النحر فذكر البيت لأنه أشرف الحرم وهو المقصود بالهدي وغيره ، والأجل الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة وقوله { ثُمَّ مَحِلُّهَا } مأخوذ من إحلال المحرم معناه ، ثم أخر هذا كله إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق ، فالبيت على هذا التأويل مراد بنفسه قاله مالك في الموطأ انتهى . |
﴿ ٣٣ ﴾