٢١وقال الذين لا . . . . . والظاهر حمل الرجاء على المشهور من استعماله والمعنى لا يأملون لقاءنا بالخير وثوابنا على الطاعة لتكذيبهم بالبعث لكفرهم بما جئت به . وقال أبو عبيدة وقوم : معناه لا يخافون . وقال الفراء : لا يرجون نشوراً لا يخافون ، وهذه الكلمة تهامية وهي أيضاً من لغة هذيل إذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف . فتقول : فلان لا يرجو ربه يريدون لا يخاف ربه ، ومن ذلك { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للّه وَقَاراً } أي لا تخافون للّه عظمة وإذا قالوا : فلان يرجو ربه فهذا معنى الرجاء لا على الخوف . وقال الشاعر : إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها في بيت نوب عوامل وقال آخر : لا ترجى حين تلاقي الذائذا أسبعة لاقت معاً أم واحداً انتهى . ومن لازم الرجاء للثواب الخوف من العقاب ، ومن كان مكذباً بالبعث لا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً ومن تأول لم يرج لسعها على معنى لم يرج دفعها ولا الانفكاك عنها . فهو لذلك يوطن على الصبر ويجد في شغله فتأويله ممكن لكن الفراء وغيره نقلوا ذلك لغة لهذيل في النفي والشاعر هذلي ، فينبغي أن لا يتكلف للتأويل وأن يحمل على لغته . {لَوْ لا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَئِكَةُ } فتخبرنا أنك رسول حقاً{أَوْ نَرَى رَبَّنَا } فيخبرنا بذلك قاله ابن جريج وغيره . وهذه كما قالت اليهود { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللّه جَهْرَةً } وكقولهم أعني المشركين {أَوْ تَأْتِىَ بِاللّه وَالْمَلَئِكَةِ قَبِيلاً } وهذا كله في سبيل التعنت ، وإلاّ فما جاءهم به من المعجزات كاف لو وفقوا .{ لَقَدِ اسْتَكْبَرُواْ } أي تكبروا { فِى أَنفُسِهِمْ } أي عظموا أنفسهم بسؤال رؤية اللّه ، وهم ليسوا بأهل لها . والمعنى أن سؤال ذلك إنما هو لما أضمروا في أنفسهم من الاستكبار عن الحق وهو الكفر والعناد الكامن في قلوبهم الظاهر عنه ما لا يقع لهم كما قال { إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ } واللام في لقد جواب قسم محذوف و { عَتَوْاْ } تجاوزوا الحد في الظلم ووصفه بكبير مبالغة في إفراطه أي لم يجسروا على هذا القول العظيم إلاّ لأنهم بلغوا غاية الاستكبار وأقصى العتو . وجاء هنا { عَتَوْاْ } على الأصل وفي مريم { عِتِيّاً } على استثقال اجتماع الواوين والقلب لمناسبة الفواصل . قال ابن عباس { عَتَوْاْ } كفروا أشد الكفر وأفحشوا . وقال عكرمة : تجبروا . وقال ابن سلام : عصوا . وقال ابن عيسى : أسرفوا . قال الزمخشري : هذه الجملة في حسن استيفائها غاية في أسلوبها . ونحوه قول القائل : وجارة جساس أبأنا بنابها كليباً غلت ناب كليب بواؤها في نحو هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ تعجب ، ألا ترى أن المعنى ما أشدّ استكبارهم وما أكثر عتوهم وما أغلى نابا بواؤها كليب . |
﴿ ٢١ ﴾