٣٥{وَقَرْنَ فِى } : أمرهن أمراً خاصاً بالصلاة والزكاة ، إذ هما عمود الطاعة البدنية والمالية ، ثم جاء بهما في عموم الأمر بالطاعة ، ثم بين أن نهيهن وأمرهن ووعظهن إنما هو لإذهاب المأثم عنهن وتصونهن بالتقوى . واستعار الرجس للذنوب ، والطهر للتقوى ، لأن عرض المقترف للمعاصي يتدنس بها ويتلوث ، كما يتلوث بدنه بالأرجاس . وأما الطاعات ، فالعرض معها نقي مصون كالثوب الطاهر ، وفي هذه الاستعارة تنفير عما نهى اللّه عنه ، وترغيب فيما أمر به . والرجس يقع على الإثم ، وعلى العذاب ، وعلى النجاسة ، وعلى النقائص ، فأذهب اللّه جميع ذلك عن أهل البيت . وقال الحسن : الرجس هنا : الشرك . وقال السدي : الإثم . وقال ابن زيد : الشيطان . وقال الزجاج : الفسق ؛ وقيل : المعاصي كلها ، ذكره الماوردي . وقيل : الشك ؛ وقيل : البخل والطبع ؛ وقيل : الأهواء والبدع . وانتصب أهل على النداء ، أو على المدح ، أو على الاختصاص ، وهو قليل في المخاطب ، ومنه . بل اللّه نرجو الفضل وأكثر ما يكون في المتكلم ، وقوله : نحن بنات طارق نمشي على النمارق ولما كان أهل البيت يشملهن وآباءهن ، غلب المذكر على المؤنث في الخطاب في :{ عَنْكُمْ } ،{ وَيُطَهّرَكُمْ} وقول عكرمة ، ومقاتل ، وابن السائب : أن أهل البيت في هذه الآية مختص بزوجاته عليه السلام ليس بجيد ، إذ لو كان كما قالوا ، لكان التركيب : عنكن ويطهركن ، وإن كان هذا القول مروياً عن ابن عباس ، فلعله لا يصح عنه . وقال أبو سعيد الخدري : هو خاص برسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين . وروي نحوه عن أنس وعائشة وأم سلمة . وقال الضحاك : هم أهله وأزواجه . وقال زيد بن أرقم ، والثعلبي : بنو هاشم الذين يحرمون الصدقة آل عباس ، وآل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، ويظهر أنهم زوجاته وأهله ، فلا تخرج الزوجات عن أهل البيت ، بل يظهر أنهن أحق بهذا الاسم لملازمتهن بيته ، عليه الصلاة والسلام . و قال ابن عطية : والذي يظهر أن زوجاته لا يخرجن عن ذلك ألبتة ، فأهل البيت : زوجاته وبنته وبنوها وزوجها . وقال الزمخشري : وفي هذا دليل على أن نساء النبي من أهل بيته . ثم ذكر لهن أن بيوتهن مهابط الوحي ، وأمرهن أن لا ينسين ما يتلى فيها من الكتاب الجامع بين أمرين : وهو آيات بينات تدل على صدق النبوة ، لأنه معجز بنظمه ، وهو حكمة وعلوم وشرائع . { إِنَّ اللّه كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } ، حين علم ما ينفعكم ويصلحكم في دينكم فأنزله عليكم ، أو علم من يصلح لنبوته ومن يصلح لأن تكونوا أهل بيته ، أو حيث جعل الكلام جامعاً بين الغرضين . انتهى . واتصال { وَاذْكُرْنَ } بما قبله يدل على أنهن من البيت ، ومن لم يدخلهن قال : هي ابتداء مخاطبة .{ وَاذْكُرْنَ } ، إما بمعنى احفظن وتذكرنه ، وإما اذكرنه لغيركن واروينه حتى ينقل . و { مِنْ آيَاتِ اللّه } : هو القرآن ، { وَالْحِكْمَةِ } : هي ما كان من حديثه وسنته ، عليه الصلاة والسلام ، غير القرآن ، ويحتمل أن يكون وصفاً للآيات . وفي قوله :{ لَطِيفاً } ، تليين ، وفي { خَبِيراً } ، تحذير مّا . وقرأ زيد بن علي : ما تتلى بتاء التأنيث ، والجمهور : بالياء . وروي أن نساءه عليه الصلاة والسلام ، قلن : يا رسول اللّه ، ذكر اللّه الرجال في القرآن ولم يذكرنا ؛ وقيل : السائلة أم سلمة . وقيل : لما نزل في نسائه ما نزل ، قال نساء المسلمين : فما نزل فينا شيء ، فنزلت :{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ } الآية ، وهذه الأوصاف العشرة تقدّم شرحها ، فبدأ أولاً بالانقياد الظاهر ، ثم بالتصديق ، ثم بالأوصاف التي بعدهما تندرج في الإسلام وهو الانقياد ، وفي الإيمان وهو التصديق ، ثم ختمها بخلة المراقبة وهي ذكر اللّه كثيراً . ولم يذكر لهذه الأوصاف متعلقاً إلا في قوله :{ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالذكِرِينَ اللّه كَثِيراً } ، نص على متعلق الحفظ لكونه منزلة العقلاء ومركب الشهوة الغالبة ، وعلى متعلق الذكر بالاسم الأعظم ، وهو لفظ اللّه ، إذ هو العلم المحتوي على جميع أوصافه ، ليتذكر المسلم من تذكره ، وهو اللّه تعالى ، وحذف من الحافظات والذاكرات المفعول لدلالة ما تقدّم ، والتقدير : والحافظاتها والذاكراته .{ أَعَدَّ اللّه لَهُمْ } : غلب الذكور ، فجمع الإناث معهم وأدرجهم في الضمير ، ولم يأت التركيب لهم ولهن . |
﴿ ٣٥ ﴾