سورة سبأ

١

الحمد للّه الذي . . . . .

المزق : خرق الشيء ، قال : منه ثوب ممزوق ومزيق ومتمزق وممزق ، إذا صار قعطاً بالياً ، ومنه قول العبدي : فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل

وإلاّ فأدركني ولما أمزق

السابغات : الدروع ، وأصله الوصف بالسبوغ ، وهو التمام والكمال ، وغلب على الدروع فصار كالأبطح ، وقال الشاعر :

عليها أسود ضاريات لبوسهم

سوابغ بيض لا يخرّقها النبل

السرد : اتباع الشيء بالشيء من جنسه ، قال الشماخ :

فظن تباعاً خيلنا في بيوتكم

كما تابعت سرد الضأن الخوارز

ويقال الدرع : مسرودة ، لأنه توبع فيها الحلق بالحلق ، قال الشاعر :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داود أو صنع السوابغ تبع

ويقال لصانع ذلك : سرّاد وزراد ، تبدل من السين الزاي ؛ كما قالوا : سراط وزراط . ويقال للأشفى : مسرد ومسراد وسرد القرآن ، إذا حدر فيه ؛ والكلام إذا تابعه مستعجلاً فيه . سال ، من سال الوادي والدمع : جرى لسرعة ما فيه من الماء والدمع . القطر : النحاس ،

وقيل : الفلز النحاس والحديد وما جرى مجراه . الجفان : جمع جفنة ، وهي معروفة . الجوابي : الحياض العظام ، واحدها جابية ، لأنه يجبي فيها الماء ، أي يجمع . قال الشاعر :

بجفان تعتري نادينا

من سديف حين قد هاج الضبر

كالجوابي لا تفي مترعة

لقرى الأضياف أو للمحتظر

وقال الأعشى :

نفى الذم عن آل المحلق جفنة

كجابية السيح العراقي تفهق

وقال لأفوه الأودي :

وقدور كالربا راسيات

وجفان كالجوابي مترعه

القدر : إناء يطبخ فيه من فخار أو غيره ، وهو على شكل مخصوص . المنسأة : العصى تهمز ولا تهمز ، ووزنها مفعلة ، من نسأت : أي أخرت وطردت ؛

ويقال : منساءة بالمد والهمز على وزن مفعالة ، كما قالوا : ميضاءة وميضاة ، وقال الشاعر :

ضربنا بمنساءة وجهه

فصار بذاك مهيناً ذليلاً

وقال آخر إذا دببت على المنساة من هرم

فقد تباعد عنك اللّهو والغزل

وقياس تخفيف همزتها أن يكون بين بين ،

وأما إبدالها ألفاً أو حذفها فغير قياس . العرم : إما صفة للسيل أضيف فيه الموصوف إلى صفته كقولهم : مسجد الجامع ،

وإما اسم لشيء ، ويأتي القول فيه في تفسير المركبات . الخمط ، قال أبو عبيدة : كل شجرة مرّة ذات شواك . وقال ابن الأعرابي : الخمط ثمر شجرة على صورة الخشخاش لا ينتفع به . وقال القتي : يقال للحماضة خمطة اللبن . إذا أخذ شيئاً من الريح فهو خامط وخميط ؛ وتخمط الفحل : هدر ، والرجل : تعصب وتكسر ، والخمر : أخذت ريح الأراك كرائحة التفاح ولم تدرك بعد .

ويقال : هي الخامطة ، قاله الجوهري . الأثل : شجر ، وهو ضرب من الطرفاء ، قاله أبو حنيفة اللغوي في كتاب النبات له ، ويأتي ما قال فيه المفسرون . السدر ، قال الفراء : هو السرو . وقال الأزهري : السدر سدران : سدر لا ينتفع به ، ولا يصلح ورقه للغسول ، وله ثمرة عفصة لا تؤكل ، وهو الذي يسمى الضال ؛ وسدر ينبت على الماء ، وثمرة النبق ، ورقه غسول يشبه ورق شجر العناب . التناوش : تناول سهل لشيء قريب ، يقال : ناشه ينوشه وتناوشه القوم وتناوشوا في الحرب : ناش بعضهم بعضاً بالسلام . وقال الراجز :

فهي تنوش الحوض نوشاً من غلانوشاً به تقطع أجواز الفلا

وأما بالهمزة ، فقال الفراء : من ناشت : أي تأخرت . قال الشاعر :

تمنى نئيش أن يكون أطاعني

وقد حدثت بعد الأمور أمور

وقال آخر :

وجئت نئيشاً بعد ما

فاتك الخبز نئيشاً أخيرا

سقط : اسم السورة {

{الْحَمْدُ للّه الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الاْخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِى الاْرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ وَقَالَ } سقط الذين كفروا إلى آخر الآية {}

هذه السورة ، قال في التحرير ، مكية بإجماعهم .

قال ابن عطية : مكية إلا قوله :{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ } ، فقالت فرقة : مدنية فيمن أسلم من أهل الكتاب ، كعبد اللّه بن سلام وأشباهه . انتهى . وسبب نزولها أن أبا سفيان قال لكفار مكة ، لما سمعوا { لّيُعَذّبَ اللّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ } : إن محمداً يتوعدنا بالعذاب بعد أن نموت ، ويخوّفنا بالبعث ، واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبداً ، ولا نبعث . فقال اللّه :{ قُلْ } يا محمد { بَلَى وَرَبّى لَتُبْعَثُنَّ } ، قاله مقاتل ؛ وباقي السورة تهديد لهم وتخويف . ومن ذكر هذا السبب ، ظهرت المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها .

{الْحَمْدُ للّه} : مستغرق لجميع المحامد .{ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى الاْخِرَةِ } : ظاهره الإستغراق . ولما كانت نعمة الآخرة مخبراً بها ، غير مرئية لنا في الدنيا ، ذكرها ليقاس نعمها بنعم الدنيا ، قياس الغائب على الشاهد ، وإن اختلفا في الفضيلة

والديمومة .

وقيل : أل للعهد والإشارة إلى قوله : { دَعْواهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللّهمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ } ،أو إلى قوله :{ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّه الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ}

وقال الزمخشري : الفرق بين الحمدين وجوب الحمد في الدنيا ، لأنه على نعمه متفضل بها ، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة ، وهي الثواب . وحمد الآخرة ليس بواجب ، لأنه على نعمة واجبة الاتصال إلى مستحقها ، إنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم يلتذون به . انتهى ، وفيه بعض تلخيص .

﴿ ١