٢حم أزف الشيء : قرب ، قال الشاعر : أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد التباب : الخسران ، السلسلة معروفة ، السحب : الجر ، سجرت التنور : ملأنه ناراً . سبع الحواميم مكيات ، قالوا بإجماع . وقيل : في بعض آيات هذه السور مدني . قال ابن عطية : وهو ضعيف . وفي الحديث : { أن الحواميم ديباج القرآن } وفيه : { من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم } ، وفيه : { مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب وهذه الحواميم مقصورة على المواغظ والزجر وطرق الآخرة وهي قصار لا تلحق فيها سآمة} . ومناسبة أول هذه السورة لآخر الزمر أنه تعالى لما ذكر ما يؤول إليه حال الكافرين وحال المؤمنين ، ذكر هنا أنه تعالى { غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ } ، ليكون ذلك استدعاء للكافر إلى الإيمان ، وإلى الإقلاع عما هو فيه ، وأن باب التوبة مفتوح . وذكر شدة عقابه وصيرورة العالم كلهم فيه ليرتدع عما هو فيه ، وأن رجوعه إلى ربه فيجازيه بما يعمل من خير أو شر . وقرىء : بفتح الحاء ، اختيار أبي القاسم بن جبارة الهذلي ، صاحب كتاب : { الكامل في القرآن } ، وأبو السمال : بكسرها على أصل التقاء الساكنين ، وابن أبي إسحاق وعيسى : بفتحها ، وخرج على أنها حركة التقاء الساكنين ، وكانت فتحة طلباً للخفة كأين ، وحركة إعراب على انتصابها بفعل مقدر تقديره : اقرأ حم . وفي الحديث : { أن أعرابياً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حم ما هو ؟ فقال : أسماء وفواتح سور } ، وقال شريح بن أبي أوفى العبسي : يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم وقال الكميت : وجدنا لكم في آل حميم آية تأولها منا تقي ومعرب أعربا حاميم ، ومنعت الصرف للعلمية ، أو العلمية وشبه العجمة ، لأن فاعيل ليس من أوزان أبنية العرب ، وإنما وجد ذلك في العجم ، نحو : قابيل وهابيل . وتقدم فيما روي في الحديث جمع حم على الحواميم ، كما جمع طس على الطواسين . وحكى صاحب زاد المسير عن شيخه ابن منصور اللغوي أنه قال : من الخطأ أن تقول : قرأت الحوامي ، وليس من كلام العرب ؛ والصواب أن يقول : قرأت آل حم . وفي حديث ابن مسعود : { إذا وقعت في آل حميم وقعت في روضات دمثات } انتهى . فإن صح من لفظ الرسول أنه قال : { الحواميم كان حجة على من منع ذلك } ، وإن كان نقل بالمعنى ، أمكن أن يكون من تحريف الأعاجم . ألا ترى لفظ ابن مسعود : { إذا وقعت في آل حميم } ، وقول الكميت : وجدنا لكم في آل حاميم ؟ وتقدم الكلام على هذه الحروف المقطعة في أول البقرة ، وقد زادوا في حاميم أقوالاً هنا ، وهي مروية عن السلف ، غنينا عن ذكرها ، لاضطرابها وعدم الدليل على صحة شيء منها . فإن كانت حم اسماً للسورة ، كانت في موضع رفع على الابتداء ، وإلا فتنزيل مبتدأ ، ومن اللّه الخبر ، أو خبر ابتداء ، أي هذا تنزيل ، ومن اللّه متعلق بتنزيل . و { الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } : صفتان دالتان على المبالغة في القدرة والغلبة والعلم ، وهما من صفات الذات . وقال الزجاج : غافر وقابل صفتان ، وشديد بدل . انتهى . وإنما جعل غافر وقابل صفتين وإن كانا اسمي فاعل ، لأنه فهم من ذلك أنه لا يراد بهما التجدد ولا التقييد بزمان ، بل أريد بهما الاستمرار والثبوت ؛ وإضافتهما محضة فيعرف ، وصح أن يوصف بهما المعرفة ، وإنما أعرب { شَدِيدُ الْعِقَابِ } بدلاً ، لأنه من باب الصفة المشبهة ، ولا يتعرف بالأضافة إلى المعرفة ، وقد نص سيبويه على أن كل ما إضافته غير محضة ، إذا أضيف إلى معرفة ، جاز أن ينوي بإضافته التمحض ، فيتعرف وينعت به المعرفة ، إلا ما كان من باب الصفة المشبهة ، فإنه لا يتعرف . وحكى صاحب المقنع عن الكوفيين أنهم أجازوا في حسن الوجه وما أشبهه أن يكون صفة للمعرفة ، قال : وذلك خطأ عند البصريين ، لأن حسن الوجه نكرة ، وإذا أردت تعريفه أدخلت فيه أل . وقال أبو الحجاج الأعلم : لا يبعد أن يقصد بحسن الوجه التعريف ، لأن الإضافة لا تمنع منه . انتهى ، وهذا جنوح إلى مذهب الكوفيين . |
﴿ ٢ ﴾