٤٠لما بين تعالى أن الدعاء إلى دين اللّه أعظم القربات ، وأنه يحصل ذلك بذكر دلائل التوحيد والعدل والبعث ، عاد إلى تهديد من ينازع في تلك الآيات ويجادل ، فقال :{ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىءايَاتِنَا } ، وتقدم الكلام على الإلحاد في قوله :{ وَذَرُواْ وَالَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى أَسْمَئِهِ } ، وذكر تعالى أنهم لا يخفون عليه ، وفي ذلك تهديد لهم . وقال قتادة : هنا الإلحاد : التكذيب ، ومجاهد : المكاء والصفير واللغو . وقال ابن عباس : وضع الكلام غير موضعه . وقال أبو مالك : يميلون عن آياتنا . وقال السدي : يعاندون رسلنا فيما جاءوا فيه من البينات والآيات . ثم استفهم تقريراً :{ أَفَمَنِ يُلْقِى فِى النَّارِ } ، بإلحاده في آياتنا ، { خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِىءامِناً } ، ولا اشتراك بين الإلقاء في النار والإتيان آمناً ، لكنه ، كما قلنا ، استفهام تقرير ، كما يقرر المناظر خصمه على وجهين ، أحدهما فاسد يرجو أن يقع في الفاسد فيتضح جهله ، ونبه بقوله :{ يُلْقِى فِى النَّارِ } على مستقر الأمر ، وهو الجنة ، وبقوله :{ مِنَ } على خوف الكافر وطول وجله ، وهذه الآية ، قال ابن بحر : عامة في كل كافر ومؤمن . وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل وعثمان بن عفان . وقيل : فيه وفي عمار بن ياسر . وقيل : فيه وفي عمر . وقيل : في أبي جهل وحمزة بن عبد المطلب . وقال الكلبي : وأبو جهل والرسول صلى اللّه عليه وسلم. ولما تقدم ذكر الإلحاد ، ناسب أن يتصل به من التقرير من اتصف به . ولم يكن التركيب : أم من يأتي آمناً يوم القيامة كمن يلقي في النار ، كما قدم ما يشبهه في قوله :{ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى } ، وكما جاء في سورة القتال :{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ}{ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } : وعيد وتهديد بصيغة الأمر ، ولذا جاء { إِنَّهُ بِمَا تَعْلَمُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم بأعمالكم . |
﴿ ٤٠ ﴾