٢٥

أم آتيناهم كتابا . . . . .

ولما نفى عنهم ، علم ترك عقابهم على عبادة غير اللّه ، أي ليس يدل على ذلك عقل . نفى أيضاً أن يدل على ذلك سمع ، فقال : { قُلْ أَرَءيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ } من قبل نزول القرآن ، أو من قبل إنذار الرسل ، يدل على تجويز عبادتهم غير اللّه ، وأنه لا يترتب على ذلك . ثم أخبر تعالى أنهم في ذلك مقلدون لآبائهم ، ولا دليل لهم من عقل ولا نقل . ومعنى :{ عَلَى أُمَّةٍ } : أي طريقة ودين وعادة ، فقد سلكنا مسلكهم ، ونحن مهتدون في اتباع آثارهم ؛ ومنه قول قيس بن الحطيم : كنا على أمّة آبائنا

ويقتدى بالأول الآخر

وقرأ الجمهور : أمّة ، بضم الهمزة . وقال مجاهد ، وقطرب : على ملة . وقال الجوهري : والأمّة : الطريقة ، والذي يقال : فلان لا أمّة له : أي لا دين ولا نحلة . قال الشاعر : وهل يستوي ذو أمّة وكفور وتقدّم الكلام في أمّة في قوله :{ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}

وقرأ عمر بن عبد العزيز ، ومجاهد ، وقتادة ، والجحدري : بكسر الهمزة ، وهي الطريقة الحسنة لغة في الأمّة بالضم ، قاله الجوهري .

وقرأ ابن عباس : أمّة ، بفتح الهمزة ، أي على قصد وحال ، والخلاف في الحرف الثاني كهو في الأول .

وحكى مقاتل : إن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة ، وأبي سفيان ، وأبي جهل ، وعتبة ، وشيبة بن أبي ربيعة من قريش ، أي كما قال من قبلهم أيضاً ، يسلي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بذلك . والمترف : المنعم ، أبطرتهم النعمة ، فآثروا الشهوات ، وكرهوا مشاق التكاليف .

وقرأ الجمهور : قل على الأمر ؛ وابن عامر وحفص : قال على الخبر .

وقرأ الجمهور : جئتكم ، بتاء المتكلم ؛ وأبي جعفر ، وشيبة ، وابن مقسم ، والزعفراني ، وأبو شيخ الهنائي ، وخالد : جئناكم ، بنون المتكلمين . والظاهر أن الضمير في قال ، أو في قل ، للرسول ، أي : قل يا محمد لقومك : أتتبعون آباءكم ، ولو جئتكم بدين أهدى من الدين الذي وجدتم عليه آباءكم ؟ وهذا تجهيل لهم ، حيث يقلدون ولا ينظرون في الدلائل .{ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ } ، أنت والرسل قبلك . غلب الخطاب على الغيبة .{ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ}

بالقحط والقتل والسبي والجلاء . { فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ } من كذبك . وقال ابن عطية في قال : ضمير يعود على النذير ، وباقي الآية يدل على أن قل في قراءة من قرأها ليست بأمر لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، وإنما هي حكاية لما أمر به النذير . ولو : في هذا الموضع ، كأنها شرطية بمعنى : إن ، كان معنى الآية : أو إن جئتكم بأبين وأوضح مما كان عليه آباؤكم ، يصحبكم لجاجكم وتقليدكم ، فأجاب الكفار حينئذ من الأمم المكذبة بأنبيائها ، كما كذبت بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولا يتعين ما قاله ، بل الظاهر هو ما قدمناه .

﴿ ٢٥