٣١ولما جاءهم الحق . . . . . ثم أردفه قوله : { وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُواْ هَاذَا سِحْرٌ } ، فما طريقة هذا النظم ومؤداه ؟ قلت : المراد بالتمتيع : ما هو سبب له ، وهو اشتغالهم بالاستمتاع عن التوحيد ومقتضياته . فقال عز وعلا : بل اشتغلوا عن التوحيد { حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } ، فخيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها عن غفلتهم لاقتضائها التنبه . ثم ابتدأ قصتهم عند مجيء الحق فقال :{ وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ } ، جاءوا بما هو شر من غفلتهم التي كانوا عليها ، وهو أن ضموا إلى شركهم معاندة الحق ، ومكابرة الرسول ومعاداته ، والاستخفاف بكتاب اللّه وشرائعه ، والإصرار على أفعال الكفرة ، والاحتكام على حكمة اللّه في تخير محمد صلى اللّه عليه وسلم من أهل زمانه بقولهم :{ لَوْلاَ نُزّلَ هَاذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ، وهي الغاية في تشويه صورة أمرهم . انتهى ، وهو حسن لكن فيه إسهاب . والضمير في : وقالوا ، لقريش ، كانوا قد استبعدوا أن يرسل اللّه من البشر رسولاً ، فاستفاض عندهم أمر إبراهيم وموسى وعيسى ، وغيرهم من الرسل صلى اللّه عليهم . فلما لم يكن لهم في ذلك مدفع ، ناقضوا فيما يخص محمداً صلى اللّه عليه وسلم فقالوا : لم كان محمداً ، ولم يكن القرآن ينزل على رجل من القريتين عظيم ؟ أشاروا إلى من عظم قدره بالسن والقدم والجاه وكثرة المال . وقرىء : على رجل ، بسكون الجيم . من القريتين : أي من إحدى القريتين . وقيل : من رجل القريتين ، وهما مكة والطائف . قال ابن عباس : والذي من مكة : الوليد بن المغيرة المخزومي ، ومن الطائف : حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي . وقال مجاهد : عتبة بن ربيعة ، وكنانة بن عبد ياليل . وقال قتادة : الوليد بن المغيرة ، وعروة بن مسعود الثقفي . قال قتادة : بلغنا أنه لم يبق فخذ من قريش إلا ادعاه ، وكان الوليد بن المغيرة يسمى ريحانة قريش ، وكان يقول : لو كان ما يقول محمد حقاً لنزل عليّ أو على ابن مسعود ، يعني عروة بن مسعود ، وكان يكنى أبا مسعود |
﴿ ٣١ ﴾