٣٧ومن يعش عن . . . . . وقرأ : ومن يعش ، بضم الشين ، أي يتعام ويتجاهل عن ذكره ، وهو يعرف الحق . وقيل : يقل نظره في شرع اللّه ، ويغمض جفونه عن النظر في : { ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} والذكر هنا ، يجوز أن يراد به القرآن ، واحتمل أن يكون مصدراً أضيف إلى المفعول ، أي يعش عن أن يذكر الرحمن . و قال ابن عطية : أي فيما ذكر عباده ، فالمصدر مضاف إلى الفاعل . انتهى ، كأنه يريد بالذكر : التذكير . وقرأ يحيى بن سلام البصري : ومن يعش ، بفتح الشين ، أي يعم عن ذكر الرحمن ، وهو القرآن ، كقوله :{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ} وقرأ زيد بن علي : يعشو بالواو . وقال الزمخشري : على أن من موصولة غير مضمنة معنى الشرط ، وحق هذا القارىء أن يرفع نقيض . انتهى . ولا يتعين ما قاله ، إذ تتخرج هذه القراءة على وجهين : أحدهما : أن تكون من شرطية ، ويعشو مجزوم بحذف الحركة تقديراً . وقد ذكر الأخفش أن ذلك لغة بعض العرب ، ويحذفون حروف العلة للجازم . والمشهور عند النحاة أن ذلك يكون في الشعر ، لا في الكلام . والوجه الثاني : أن تكون من موصولة والجزم بسببها للموصول باسم الشرط ، وإذا كان ذلك مسموعاً في الذي ، وهو لم يكن اسم شرط قط ، فالأولى أن يكون فيما استعمل موصولاً وشرطاً . قال الشاعر : ولا تحفرن بئراً تريد أخاً بها فإنك فيها أنت من دونه تقع كذاك الذي يبغي على الناس ظالماً تصبه على رغم عواقب ما صنع أنشدهما ابن الأعرابي ، وهو مذهب الكوفيين ، وله وجه من القياس ، وهو : أنه كما شبه الموصول باسم الشرط فدخلت الفاء في خبره ، فكذلك يشبه به فينجزم الخبر ، إلا أن دخول الفاء منقاس إذا كان الخبر مسبباً عن الصلة بشروطه المذكورة في علم النحو ، وهذا لا ينفيه البصريون . وقرأ الجمهور : نقيض ، بالنون ؛ وعلي ، والسلمي ، والأعمش ، ويعقوب ، وأبو عمرو : بخلاف عنه ؛ وحماد عن عاصم ، وعصمة عن الأعمش ، وعن عاصم ، والعليمي عن أبي بكر : بالياء ، أي يقبض الرحمن ؛ وابن عباس : يقبض مبنياً للمفعول . { لَهُ شَيْطَاناً } : بالرفع ، أي ييسر له شيطان ويعدله ، وهذا عقاب على الكفر بالحتم وعدم الفلاح . كما يقال : إن اللّه يعاقب على المعصية بالتزايد من السيئات . وقال الزمخشري : يخذله ، ويحل بينه وبين الشياطين ، كقوله :{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء }{ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ} انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال . والظاهر أن ضمير النصب في { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ } عائد على من ، على المعنى أعاد أولاً على اللفظ في إفراد الضمير ، ثم أعاد على المعنى . والضمير في يصدونهم عائد على شيطان وإن كان مفرداً ، لأنه مبهم في جنسه ، ولكل عاش شيطان قرين ، فجاز أن يعود الضمير مجموعاً . و قال ابن عطية : والضمير في قوله : وإنهم ، عائد على الشيطان ، وفي : ليصدونهم ، عائد على الكفار . انتهى . والأولى ما ذكرناه لتناسق الضمائر في وإنهم ، وفي ليصدونهم ، وفي ويحسبون ، لمدلول واحد ، كأن الكلام : وأن العشاة ليصدونهم الشياطين عن السبيل ، أي سبيل الهدى والفوز ، ويحسبون : أي الكفار . |
﴿ ٣٧ ﴾