٣٣وأزلفت الجنة للمتقين . . . . . {غَيْرَ بَعِيدٍ } : مكاناً غير بعيد ، وهو تأكيد لأزلفت ، رفع مجاز القرب بالوعد والإخبار . فانتصاب غير على الظرف صفة قامت مقام مكان ، فأعربت بإعرابه . وأجاز الزمخشري أن ينتصب غير بعيد على الحال من الجنة . قال : وتذكيره يعني بعيد ، لأنه على زنة المصدر ، كالزئير والصليل ، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث . انتهى . وكونه على وزن المصدر ، لا يسوغ أن يكون المذكر صفة للمؤنث . وقال الزمخشري أيضاً : أو على حذف الموصوف ، أي شيئاً غير بعيد . انتهى . وكأنه يعني إزلافاً غير بعيد ، هذا إشارة للثواب . وقرأ الجمهور :{ مَّا تُوعَدُونَ } ؛ خطاب للمؤمنين ؛ وابن كثير ، وأبو عمرو : بياء الغيبة ، أي هذا القول هو الذي وقع الوعد به ، وهي جملة اعتراضية بين المبدل منه والبدل . و { لِكُلّ أَوَّابٍ } : هو البدل من المتقين .{ مَّنْ خَشِىَ } : بدل بعد بدل تابع { لِكُلّ } ، قاله الزمخشري . وإنما جعله تابعاً{ لِكُلّ } ، لا بدلاً من { لّلْمُتَّقِينَ } ، لأنه لا يتكرر الإبدال من مبدل منه واحد . قال : ويجوز أن يكون بدلاً من موصوف أواب وحفيظ ، ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ ، لأن من لا يوصف به ، ولا يوصف من بين سائر الموصولات إلا بالذي . انتهى . يعني بقوله : في حكم أو أب : أن يجعل من صفته ، وهذا حكم صحيح . وأما قوله : ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي ، فالحصر ليس بصحيح ، قد وصفت العرب بما فيه أل ، وهو موصول ، نحو القائم والمضروب ، ووصفت بذو الطائية ، وذات في المؤنث . ومن كلامهم : بالفضل ذو فضلكم اللّه به ، والكرامة ذات أكرمك اللّه به ، يريد بالفضل الذي فضلكم والكرامة التي أكرمكم ، ولا يريد الزمخشري خصوصية الذي ، بل فروعه من المؤنث والمثنى والمجموع على اختلاف لغات ذلك . وجوز أن تكون من موصولة مبتدأ خبره القول المحذوف ، تقديره : يقال لهم ادخلوها ، لأن من في معنى الجمع ، وأن تكون شرطية ، والجواب الفعل المحذوف ، أي فيقال : وأن يكون منادى ، كقولهم : من لا يزال محسناً أحسن إليّ ، وحذف حرف النداء للتقريب . وقال ابن عطية : يحتمل أن تكون من نعتاً . انتهى ، وهذا لا يجوز ، لأن من لا ينعت بها ، وبالغيب حال من المفعول ، أي وهو غائب عنه ، وإنما أدركه بالعلم الضروري ، إذ كل مصنوع لا بد له من صانع . ويجوز أن تكون صفة لمصدر خشي ، أي خشية خشيه ملتبسة بالغيب ، حيث خشي عقابه وهو غائب ، أو خشيه بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه . وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد ، فيكون حالاً من الفاعل . وقرن بالخشية الرحمن بناء على الخاشي ، حيث علم أنه واسع الرحمة ، وهو مع ذلك يخشاه . |
﴿ ٣٣ ﴾