٧

آمنوا باللّه ورسوله . . . . .

لما ذكر تعالى تسبيح العالم له ، وما احتوى عليه من الملك ، والتصرف ، وما وصف به نفسه من الصفات العلا ، وختمها بالعالم بخفيات الصدور ، أمر تعالى عباده المؤمنين بالثبات على الإيمان وإدامته ، والنفقة في سبيل اللّه تعالى . قال الضحاك : نزلت في غزوة تبوك . { مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } : أي ليست لكم بالحقيقة ، وإنما انتقلت إليكم من غيركم . وكما وصلت إليكم تتركونها لغيركم ، وفيه تزهيد فيما بيد الناس ، إذ مصيره إلى غيره ، وليس له منه إلا ما جاء في الحديث : { يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت} .

وقيل لأعرابي : لمن هذه الإبل ؟ فقال : هي للّه تعالى عندي . أو يكون المعنى : إنه تعالى أنشأ هذه الأموال ، فمتعكم بها وجعلكم خلفاء في التصرف فيها ، فأنتم فيها بمنزلة الوكلاء ، فأنفقوا منها في حقوق اللّه تعالى .

ثم ذكر تعالى ما للمؤمن المنفق من الأجر ، ووصفة بالكرم ليصرعه في أنواع الثواب . قيل : وفيه إشارة إلى عثمان بن عفان ، حيث بذل تلك النفقة العظيمة في جيش العسرة ،

٨

وما لكم لا . . . . .

ثم قال : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِاللّه } ، وهو استفهام على سبيل التأنيب والإنكار : أي كيف لا تثبتون على الإيمان ؟ ودواعي ذلك موجودة ، وذلك ركزة فيكم من دلائل العقل . وموجب ذلك من السمع في قوله :{ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ } لهذا الوصف الجليل . وقد تقدم أخذ الميثاق عليكم بالإيمان ، فدواعي الإيمان موجودة ، وأسبابه حاصلة ، فلا مانع منه ، ولا عذر في تركه . و { لاَ تُؤْمِنُونَ } حال ، كما تقول : ما لك لا تقوم تنكر عليه انتفاء قيامه ؟

{وَالرَّسُولِ } : الواو واو الحال ، فالجملة بعده حال ، وقد أخذ حال ثالثة ، وهذا الميثاق قيل : هو الذي أخذ عليهم حين الإخراج من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام .

وقيل : ما نصب من الأدلة وركز في العقول من النظر فيها .

{إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : شرط وجوابه محذوف ، أي إن كنتم مؤمنين لموجب مّا ، فهذا هو الموجب لإيمانكم ، أو إن كنتم ممن يؤمن ، فما لكم لا تؤمنون والحالة هذه ؟ وهي دعاء الرسول وأخذ الميثاق . وقال الطبري : إن كنتم مؤمنين في حال من الأحوال فالآن .

وقرأ الجمهور :{ وَقَدْ أَخَذَ } مبنياً للفاعل ، { مِيثَاقَكُمْ } بالنصب ؛ وأبو عمرو : مبنياً للمفعول ، ميثاقكم رفعاً . و

قال ابن عطية : في قوله :{ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } وإنما المعنى أن قوله :{ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } يقتضي أن يقدر بأثره ، فأنتم في رتب شريفة وأقدار رفيعة .{ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } : أي إن دمتم على ما بدأتم به .

﴿ ٧