٢٨

يا أيها الذين . . . . .

{يا أيها الذين آمنوا } : الظاهر أنه نداء لمن آمن من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، فمعنى آمنوا : دوموا واثبتوا ، وهكذا المعنى في كل أمر يكون المأمور ملتبساً بما أمر به .{ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } ، قال أبو موسى الأشعري : كفلين : ضعفين بلسان الحبشة . انتهى ، والمعنى : أنه يؤتكم مثل ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الكفلين في قوله :{ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } ، إذ أنتم مثلهم في الإيمانين ، لا تفرقوا بين أحد من رسله . وروي أن مؤمني أهل الكتاب افتخروا على غيرهم من المؤمنين بأنهم يؤتون أجرهم مرتين ، وادعوا الفضل عليهم ، فنزلت .

وقيل : النداء متوجه لمن آمن من أهل الكتاب ،

فالمعنى : يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ، آمنوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، يؤتكم اللّه كفلين ، أي نصيبين من رحمته ، وذلك لإيمانكم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، وإيمانكم بمن قبله من الرسل .{ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } : وهو النور المذكور في قوله :{ يَسْعَى نُورُهُم } ، ويغفر لكم ما أسلفتم من الكفر والمعاصي . ويؤيد هذا المعنى ما ثبت في الصحيح : { ثلاثة يؤتهم اللّه أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي } ، الحديث .

ليعلم أهل الكتاب الذين لم يسلموا أنهم لا ينالون شيئاً مما ذكر من فضله من الكفلين والنور والمغفرة ، لأنهم لم يؤمنوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلم ينفعهم إيمانهم بمن قبله ، ولم يكسبهم فضلاً قط . وإذا كان النداء لمؤمني هذه الأمة والأمر لهم ، فروي أنه لما نزل هذا الوعد لهم حسدهم أهل الكتاب ، وكانت اليهود تعظم دينها وأنفسها ، وتزعم أنهم أحباء اللّه وأهل رضوانه ، فنزلت هذه الآية معلمة أن اللّه تعالى فعل ذلك وأعلم به . ليعلم أهل الكتاب أنهم ليسوا كما يزعمون .

﴿ ٢٨