٢

الذين يظاهرون منكم . . . . .

وقرأ الجمهور : { أُمَّهَاتِهِمْ } ، بالنصب على لغة الحجاز ؛ والمفضل عن عاصم : بالرفع على لغة تميم ؛ وابن مسعود : بأمهاتهم ، بزيادة الباء .

قال الزمخشري : في لغة من ينصب . انتهى . يعني أنه لا تزاد الباء في لغة تميم ، وهذا ليس بشيء ، وقد رد ذلك على الزمخشري . وزيادة الباء في مثل : ما زيد بقائم ، كثير في لغة تميم ، والزمخشري تبع في ذلك أبا عليّ الفارسي رحمه اللّه . ولما كان معنى كظهر أمي : كأمي في التحريم ، ولا يراد خصوصية الظهر الذي هو من الجسد ، جاء النفي بقوله :{ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } ، ثم أكد ذلك بقوله :{ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ } : أي حقيقة ، { إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ } وألحق بهنّ في التحريم أمّهات الرضاع وأمّهات المؤمنين أزواج الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، والزوجات لسن بأمّهات حقيقة ولا ملحقات بهنّ . فقول المظاهر منكر من القول تنكره الحقيقة وينكره الشرع ، وزور : كذب باطل منحرف عن الحق ، وهو محرم تحريم المكروهات جدّاً ، فإذا وقع لزم ، وقد رجى تعالى بعده بقوله :{ وَإِنَّ اللّه لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } مع الكفارة .

وقال الزمخشري :{ وَإِنَّ اللّه لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } لما سلف منه إذ تاب عنه ولم يعد إليه . انتهى ، وهي نزغة اعتزالية .

والظاهر أن الظهار لا يكون إلا بالأم وحدها . فلو قال : أنت عليّ كظهر أختي أو ابنتي ، لم يكن ظهاراً ، وهو قول قتادة والشعبي وداود ، ورواية أبي ثور عن الشافعي . وقال الجمهور : الحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي في قول هو ظهار ، والظاهر أن الذمي لا يلزمه ظهاره لقوله :{ مّنكُمْ } ،أي من المؤمنين وبه قال أبو حنيفة والشافعي لكونها ليست من نسائه . وقال مالك : يلزمه ظهاره إذا نكحها ، ويصح من المطلقة الرجعية . وقال : المزني لا يصح . وقال بعض العلماء : لا يصح ظهار غير المدخول بها ، ولو ظاهر من أمته التي يجوز له وطئها ، لزمه عند مالك . وقال

أبو حنيفة والشافعي : لا يلزم ، وسبب الخلاف هو : هل تندرج في نسائهم أم لا ؟ والظاهر صحة ظهار العبد لدخوله في يظهرون منكم ، لأنه من جملة المسلمين ، وإن تعذر منه العتق والإطعام ، فهو قادر على الصوم .

وحكى الثعلبي عن مالك أنه لا يصح ظهاره ، وليست المرأة مندرجة في الذين يظهرون ، فلو ظاهرت من زوجها لم يكن شيئاً . وقال الحسن بن زياد : تكون مظاهرة . وقال الأوزاعي وعطاء وإسحاق وأبو يوسف : إذا قالت لزوجها أنت عليّ كظهر فلانة ، فهي يمين تكفرها . وقال الزهري : أرى أن تكفر كفارة الظاهر ، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها .

﴿ ٢