٥

وإذ قال موسى . . . . .

ولما كان في المؤمنين من يقول ما لا يفعل ، وهو راجع إلى الكذب ، فإن ذلك في معنى الإذاية للرسول عليه الصلاة والسلام ، إذ كان في أتباعه من عانى الكذب ، فناسب ذكر قصة موسى وقوله لقومه : { لِمَ تُؤْذُونَنِى } ، وإذايتهم له كان بانتقاصه في نفسه وجحود آيات اللّه تعالى واقتراحاتهم عليه ما ليس لهم اقتراحه ، { وَقَد تَّعْلَمُونَ } : جملة حالية تقتضي تعظيمه وتكريمه ، فرتبوا على علمهم أنه رسول اللّه ما لا يناسب العلم وهو الإذاية ، وقد تدل على التحقق في الماضي والتوقع في المضارع ، والمضارع هنا معناه المضي ، أي وقد علمتم ، كقوله :{ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ } ،أي قد علم ، { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ} وعبر عنه بالمضارع ليدل على استصحاب الفعل ، { فَلَمَّا زَاغُواْ } عن الحق ، { أَزَاغَ اللّه قُلُوبَهُمْ}

قال الزمخشري : بأن منع ألطافه ، { وَاللّه لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } : لا يلطف بهم ، لأنهم ليسوا من أهل اللطف . وقال غيره : أسند الزيغ إليهم ، ثم قال :{ أَزَاغَ اللّه } كقوله تعالى :{ نَسُواْ اللّه فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } ، وهو من العقوبة على الذنب بالذنب ، بخلاف قوله :{ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ}

﴿ ٥