١٢

تؤمنون باللّه ورسوله . . . . .

والجمهور : { تُؤْمِنُونَ } ،{ وَتُجَاهِدُونَ } ؛ وعبد اللّه : آمنوا باللّه ورسوله وجاهدوا أمرين ؛ وزيد بن علي بالتاء ، فيهما محذوف النون فيهما . فأما توجيه قراءة الجمهور ، فقال المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر ، ولذلك جاء يغفر مجزوماً . انتهى ، فصورته صورة الخبر ، ومعناه الأمر ، ويدل عليه قراءة عبد اللّه ، ونظيره قوله : اتقى اللّه امرؤ فعل خيراً يثب عليه ، أي ليتق اللّه ، وجيء به على صورة الخبر .

قال الزمخشري : للإيذان بوجوب الامتثال وكأنه امتثل ، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين ، ونظيره قول الداعي : غفر اللّه لك ويغفر اللّه لك ، جعلت المغفرة لقوة الرجاء ، كأنها كانت ووجدت . انتهى . وقال الأخفش : هو عطف بيان على تجارة ، وهذا لا يتخيل إلا على تقدير أن يكون الأصل أن تؤمنوا حتى يتقدر بمصدر ، ثم حذف أن فارتفع الفعل كقوله :

ألا أيهذا الزاجري احضر الوغا

يريد : أن احضر ، فلما حذف أن ارتفع الفعل ، فكان تقدير الآية { هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } : إيمان باللّه ورسوله وجهاد . و

قال ابن عطية :{ تُؤْمِنُونَ } فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون . انتهى ، وهذا ليس بشيء ، لأن فيه حذف المبتدأ وحذف أنه وإبقاء الخبر ، وذلك لا يجوز .

وقال الزمخشري : وتؤمنون استئناف ، كأنهم قالوا : كيف نعمل ؟ فقال : تؤمنون ، ثم اتبع المبرد فقال : هو خبر في معنى الأمر ، وبهذا أجيب بقوله :{ يَغْفِرْ لَكُمْ} انتهى .

وأما قراءة عبد اللّه فظاهرة المعنى وجواب الأمر يغفر ،

وأما قراءة زيد فتتوجه على حذف لام الأمر ، التقدير : لتؤمنوا ، كقول الشاعر : قلت لبواب على بابها

تأذن لي أني من أحمائها

يريد : لتأذن ، ويغفر مجزوم على جواب الأمر في قراءة عبد اللّه وقراءة زيد ، وعلي تقدير المبرد . وقال الفراء : هو مجزوم

على جواب الاستفهام ، وهو قوله : { هَلْ أَدُلُّكُمْ } ، واستبعد هذا التخريج . قال الزجاج : ليسوا إذا دلهم على ما ينفعهم يغفر لهم ، إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا . وقال المهدوي : إنما يصح حملاً على المعنى ، وهو أن يكون تؤمنون وتجاهدون عطف بيان على قوله :{ هَلْ أَدُلُّكُمْ } ، كأن التجارة لم يدر ما هي ، فبينت بالإيمان والجهاد ، فهي هما في المعنى ، فكأنه قال : هل تؤمنون وتجاهدون ؟ قال : فإن لم تقدر هذا التقدير لم يصح ، لأنه يصير : إن دللتم يغفر لكم ، والغفران إنما يجب بالقبول والإيمان لا بالدلالة .

وقال الزمخشري نحوه ، قال : وجهه أن متعلق الدلالة هو التجارة ، والتجارة مفسرة بالإيمان والجهاد ، فكأنه قال : هل تتحرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم ؟ انتهى ، وتقدم شرح بقية الآية .

﴿ ١٢