٥

مثل الذين حملوا . . . . .

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمّلُواْ التَّوْرَاةَ } : هم اليهود المعاصرون للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، كلفوا القيام بأوامرها ونواهيها ، ولم يطيقوا القيام بها حين كذّبوا الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وهي ناطقة بنبوته .

وقرأ الجمهور : حملوا مشدداً مبنياً للمفعول ؛ ويحيى بن يعمرو وزيد بن عليّ : مخففاً مبنياً للفاعل . شبه صفتهم بصفة الحمار الذي يحمل كتباً ، فهو لا يدري ما عليه ، أكتب هي أم صخر وغير ذلك ؟ وإنما يدرك من ذلك ما يلحقه من التعب بحملها . وقال الشاعر في نحو ذلك : زوامل للأشعار لا علم عندهم

بجيدها إلا كعلم الأباعر

لعمرك ما يدري البعير إذا غدا

بأوساقه أو راح ما في الغرائر

وقرأ عبد اللّه : حمار منكراً ؛ والمأمون بن هارون : يحمل بشد الميم مبنياً للمفعول . والجمهور : الحمار معرفاً ، ويحمل مخففاً مبنياً للفاعل ، ويحمل في موضع نصب على الحال .

قال الزمخشري : أو الجر على الوصف ، لأن الحمار كاللئيم في قوله :

ولقد أمر على اللئيم يسبني

انتهى .

وهذا الذي قاله قد ذهب إليه بعض النحويين ، وهو أن مثل هذا من المعارف يوصف بالجمل ، وحملوا عليه { وَءايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ } ، وهذا وأمثاله عند المحققين في موضع الحال ، لا في موضع الصفة . ووصفه

بالمعرفة ذي اللام دليل على تعريفه مع ما في ذلك المذهب من هدم ما ذكره المتقدمون من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة ، والجمل نكرات . { بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ}

قال الزمخشري : بئس مثلاً مثل القوم . انتهى . فخرجه على أن يكون التمييز محذوفاً ، وفي بئس ضمير يفسره مثلاً الذي ادعى حذفه . وقد نص سيبويه على أن التمييز الذي يفسره الضمير المستكن في نعم وبئس وما أجري مجراهما لا يجوز حذفه . و

قال ابن عطية : والتقدير بئس المثل مثل القوم . انتهى . وهذا ليس بشيء ، لأن فيه حذف الفاعل ، وهو لا يجوز . والظاهر أن { مَثَلُ الْقَوْمِ } فاعل { بِئْسَ } ، والذين كفروا هو المخصوص بالذم على حذف مضاف ، أي مثل الذين كذبوا بآيات اللّه ، وهم اليهود ، أو يكون { الَّذِينَ كَذَبُواْ } صفة للقوم ، والمخصوص بالدم محذوف ، التقدير : بئس مثل القوم المكذبين مثلهم ، أي مثل هؤلاء الذين حملوا التوراة .

﴿ ٥