سورة المنافقون

مدنية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

إذا جاءك المنافقون . . . . .

الجسم والخشب معرفان . أسندت ظهري إلى الحائط : أملته وأضفته إليه ، وتساند القوم : اصطفوا وتقابلوا للقتال .

{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّه وَاللّه يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّه يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُواْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّه إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ءامَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ } سقط : إلى آخر الصفحة

{سقط : الآية كاملة}

هذه السورة مدنية ، نزلت في غزوة بني المصطلق ، كانت من عبد اللّه بن أبيّ بن سلول وأتباعه فيها أقوال ، فنزلت . وسبب نزولها مذكور في قصة طويلة ، من مضمونها : أن اثنين من الصحابة ازدحما على ماء ، وذلك في غزوة بني المصطلق ، فشج أحدهما الآخر ، فدعا المشجوج : يا للأنصار ، والشاج : يا للمهاجرين ، فقال عبد اللّه بن أبيّ بن سلول : ما حكى اللّه تعالى عنه من قوله : { لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللّه حَتَّى يَنفَضُّواْ } ، وقوله :{ لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاْذَلَّ } ، وعنى الأعز نفسه ، وكلاماً قبيحاً . فسمعه زيد بن أرقم ، ونقل ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه ، فحلف ما قال شيئاً من ذلك ، فاتهم زيد ، فأنزل اللّه تعالى { إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ } إلى قوله :{ لاَّ يَعْلَمُونَ } ، تصديقاً لزيد وتكذيباً لعبد اللّه بن أبيّ .

ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أنه لما كان سبب الانفضاض عن سماع الخطبة ربما كان حاصلاً عن المنافقين ، واتبعهم ناس كثير من المؤمنين في ذلك ، وذلك لسرورهم بالعير التي قدمت بالميرة ، إذ كان وقت مجاعة ، جاء ذكر المنافقين وما هم عليه من كراهة أهل الإيمان ، وأتبعه بقبائح أفعالهم وقولهم :{ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللّه حَتَّى يَنفَضُّواْ } ، إذ كانوا هم أصحاب أموال ، والمهاجرون فقراء قد تركوا أموالهم ومتاجرهم وهاجروا للّه تعالى .{ قَالُواْ نَشْهَدُ } : يجري مجرى اليمين ، ولذلك تلقى بما يتلقى به القسم ، وكذا فعل اليقين . والعلم يجري مجرى القسم بقوله :{ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّه } ، وأصل الشهادة أن يواطىء اللسان القلب هذا بالنطق ، وذلك بالاعتقاد ؛ فأكذبهم اللّه وفضحهم بقوله :{ وَاللّه يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } : أي لم تواطىء قلوبهم ألسنتهم على تصديقك ، واعتقادهم أنك غير رسول ، فهم كاذبون عند اللّه وعند من خبر حالهم ، أو كاذبون عند أنفسهم ، إذ كانوا يعتقدون أن قولهم :{ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّه } كذب . وجاء بين شهادتهم وتكذيبهم قوله تعالى :{ وَاللّه يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } ، إيذاناً أن الأمر كما لفظوا به من كونه رسول اللّه حقاً . ولم تأت هذه الجملة لتوهم أن قولهم هذا كذب ، فوسطت الأمر بينهما ليزول ذلك التوهم .

﴿ ١