٢يسبح للّه ما . . . . . التغابن : تفاعل من الغبن وليس من اثنين ، بل هو من واحد ، كتواضح وتحامل . والغبن : أخذ الشيء بدون قيمته ، أو بيعه كذلك . وقيل : الغبن : الإخفاء ، ومنه غبن البيع لاستخفائه ، ويقال : غبنت الثوب وخبنته ، إذا أخذت ما طال منه عن مقدارك ، فمعناه النفص . هذه السورة مدنية في قول الأكثرين . وقال ابن عباس وغيره : مكية إلا آيات من آخرها :{ الْمُؤْمِنُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ } الخ ، نزلت بالمدينة . وقال الكلبي : مدينة ومكية . ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أن ما قبلها مشتمل على حال المنافقين ، وفي آخرها خطاب المؤمنين ، فأتبعه بما يناسبه من قوله :{ هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } ، هذا تقسيم في الإيمان والكفر بالنظر إلى الاكتساب عند جماعة من المتأولين لقوله : كل مولود يولد على الفطرة ، وقوله تعالى :{ فِطْرَةَ اللّه الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وقيل : ذانك في أصل الخلقة ، بدليل ما في حديث النطفة من قول الملك : أشقيّ أم سعيد ؟ والغلام الذي قتله الخضر عليه السلام أنه طبع يوم طبع كافراً . وما روى ابن مسعود أنه عليه الصلاة والسلام قال : { خلق اللّه فرعون في البطن كافراً} . وحكى يحيى بن زكريا : في البطن مؤمناً . وعن عطاء بن أبي رباح :{ فَمِنكُمْ كَافِرٌ } باللّه، { مُؤْمِنٍ } بالكواكب ؛ ومؤمن باللّه وكافر بالكوكب . وقدّم الكافر لكثرته . ألا ترى إلى قوله تعالى :{ وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ } ؟ وحين ذكر الصالحين قال :{ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} وقال الزمخشري : فمنكم آت بالكفر وفاعل له ، ومنكم آت بالإيمان وفاعل له ، كقوله تعالى :{ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَاسِقُونَ } ، والدليل عليه قوله تعالى :{ وَاللّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } : أي عالم بكفركم وإيمانكم اللذين هما من قبلكم ، والمعنى : الذي تفضل عليكم بأصل النعم الذي هو الخلق والإيجاد عن العدم ، فكان يجب أن تنظروا النظر الصحيح ، وتكونوا بأجمعكم عباداً شاكرين . انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال . وقال أيضاً : وقيل :{ هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ } بالخلق : هم الدهرية ، { وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } به . وعن الحسن : في الكلام حذف دل عليه تقديره : ومنكم فاسق ، وكأنه من كذب المعتزلة على الحسن . وتقدم الجار والمجرور في قوله :{ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ } ، قال الزمخشري : ليدل بتقدمهما على معنى اختصاص الملك والحمد باللّه عز وجل ، وذلك لأن الملك على الحقيقة له ، لأنه مبدىء كل شيء ومبدعه ، والقائم به المهيمن عليه ؛ وكذلك الحمد ، لأن أصول النعم وفروعها منه . وأما ملك غيره فتسليط منه ، وحمده اعتداد بأن نعمة اللّه جرت على يده . |
﴿ ٢ ﴾