٤الذي خلق سبع . . . . . وانتصب { طِبَاقاً } على الوصف السبع ، فإما أن يكون مصدر طابق مطابقة وطباقاً لقولهم : النعل خصفها طبقاً على طبق ، وصف به على سبيل المبالغة ، أو على حذف مضاف ، أي ذا طباق ؛ وإما جمع طبق كجمل وجمال ، أو جمع طبقة كرحبة ورحاب ، والمعنى : بعضها فوق بعض . وما ذكر من مواد هذه السموات . فالأولى من موج مكفوف ، والثانية من درّة بيضاء ، والثالثة من حديد ، والرابعة من نحاس ، والخامسة من فضة ، والسادسة من ذهب ، والسابعة من زمردة بيضاء يحتاج إلى نقل صحيح ، وقد كان بعض من ينتمي إلى الصلاح ، وكان أعمى لا يبصر موضع قدمه ، يخبر أنه يشاهد السموات على بعض أوصاف مما ذكرنا .{ مِن تَفَاوُتٍ } ، قال ابن عباس : من تفرّق . وقال السدّي : من عيب . وقال عطاء بن يسار : من عدم استواء . وقال ثعلب : أصله من الفوت ، وهو أن يفوت شيء شيئاً من الخلل . وقيل : من اضطراب . وقيل : من اعوجاج . وقيل : من تناقض . وقيل : من اختلاف . وقيل : من عدم التناسب والتفاوت ، تجاوز الحد الذي تجب له زيادة أو نقص . قال بعض الأدباء : تناسبت الأعضاء فيه فلا ترى بهن اختلافاً بل أتين على قدر وقرأ الجمهور :{ مِن تَفَاوُتٍ } ، بألف مصدر تفاوت ؛ وعبد اللّه وعلقمة والأسود وابن جبير وطلحة والأعمش : بشدّ الواو ، مصدر تفوّت . وحكى أبو زيد عن العربي : تفاوتاً بضم الواو وفتحها وكسرها ، والفتح والكسر شاذان . والظاهر عموم خلق الرحمن من الأفلاك وغيرها ، فإنه لا تفوت فيه ولا فطور ، بل كل جار على الإتقان . وقيل : المراد في { خَلْقِ الرَّحْمَنِ } السموات فقط ، والظاهر أن قوله تعالى :{ مَّا تَرَى } استئناف أنه لا يدرك في خلقه تعالى تفاوت ، وجعل الزمخشري هذه الجملة صفة متابعة لقوله :{ طِبَاقاً } ، أصلها ما ترى فيهن من تفاوت ، فوضع مكان الضمير قوله :{ خَلْقِ الرَّحْمَنِ } تعظيماً لخلقهن وتنبيهاً على سبب سلامتهن من التفاوت ، وهو أنه خلق الرحمن ، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المناسب . انتهى . والخطاب في ترى لكل مخاطب ، أو للرسول صلى اللّه عليه وسلم. ولما أخبر تعالى أنه لا تفاوت في خلقه ، أمر بترديد البصر في الخلق المناسب فقال : { فَارْجِعِ } ، ففي الفاء معنى التسبب ، والمعنى : أن العيان يطابق الخبر . و { الفطور } ، قال مجاهد : الشقوق ، فطر ناب البعير : شق اللحم وظهر ، قال الشاعر : بنى لكم بلا عمد سماء وسوّاها فما فيها فطور وقال أبو عبيدة : صدوع ، وأنشد قول عبيد بن مسعود : شققت القلب ثم رددت فيه هواك فليط فالتأم الفطور وقال السدي : خروق . وقال قتادة : خلل ، ومنه التفطير والانفطار . وقال ابن عباس : وهن وهذه تفاسير متقاربة ، والجملة من قوله :{ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ } في موضع نصب بفعل معلق محذوف ، أي فانظر هل ترى ، أو ضمن معنى { فَارْجِعِ الْبَصَرَ } معنى فانظر ببصرك هل ترى ؟ فيكون معلقاً .{ ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ } : أي ردده كرتين هي تثنية لا شفع الواحد ، بل يراد بها التكرار ، كأنه قال : كرة بعد كرة ، أي كرات كثيرة ، كقوله : لبيك ، يريد إجابات كثيرة بعضها في إثر بعض ، وأريد بالتنثية التكثير ، كما أريد بما هو أصل لها التكثير ، وهو مفرد عطف على مفرد ، نحو قوله : لو عدّ قبر وقبر كان أكرمهم بيتاً وأبعدهم عن منزل الذام يريد : لوعدت قبور كثيرة . وقال ابن عطية وغيره :{ كَرَّتَيْنِ } معناه مرتين ونصبها على المصدر . وقيل : أمر برجع البصر إلى السماء مرتين ، غلط في الأولى ، فيستدرك بالثانية . وقيل :الأولى ليرى حسنها واستواءها ، والثانية ليبصر كواكبها في سيرها وانتهائها . وقرأ الجمهور :{ يَنقَلِبَ } جزماً على جواب الأمر ؛ والخوارزمي عن الكسائي : يرفع الباء ، أي فينقلب على حذف الفاء ، أو على أنه موضع حال مقدرة ، أي إن رجعت البصر وكررت النظر لتطلب فطور شقوق أو خللاً أو عيباً ، رجع إليك مبعداً عما طلبته لانتفاء ذلك عنها ، وهو كالّ من كثرة النظر ، وكلاله يدل على أن المراد بالكرتين ليس شفع الواحد ، لأنه لا يكل البصر بالنظر مرتين اثنتين . والحسير : الكال ، قال الشاعر : لهن الوجى لم كر عوناً على النوى ولا زال منها ظالع وحسير يقال : حسر بعيره يحسر حسوراً : أي كلّ وانقطع فهو حسير ومحسور ، قال الشاعر يصف ناقة : فشطرها نظر العينين محسور أي : ونحرها ، وقد جمع حسير بمعنى أعيا وكل ، قال الشاعر : بها جيف الحسرى فأما عظامها البيت . |
﴿ ٤ ﴾