سورة المدثرمكية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١يا أيها المدثر تدثر : لبس الدثار ، وهو الثوب الذي فوق الشعار ، والشعار : الثوب الذي يلي الجسد ، ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم : { الأنصار شعار والناس دثار} . النقر : الصوت ، قال الشاعر : أخفضه بالنقر لما علوته ويرفع طرفاً غير خاف غضيض وقال الراجز : أنا ابن ماوية إذ جد النقر يريد النقر ، فنقل الحركة ، فالناقور فاعول منه ، كالجاسوس مأخوذ من التجسس . عبس يعبس عبساً وعبوساً : قطب ، والعبس : ما تعلق بأذناب الإبل من أبعارها وأبوالها . قال أبو النجم : كأن في أذنابهن الشوّل من عبس الضيف قرون الإبل بسر : قبض ما بين عينيه وأربد وجهه ، قال : صحبنا تميماً غداة الجفار بشهباً ملومة باسره وأهل اليمن يقولون : بسر المركب وأبسر إذا وقف ، وقد أبسرنا ، وتقول العرب : وجه باسر بين البسور ، إذا تغير واسود ، لاحه البسر : غير خلقته ، قال : تقول ما لاحك يا مسافر يا ابنة عمي لاحنى الهواجر وقال آخر : وتعجب هند إن رأتني شاحباً تقول لشيء لوحته السمائم وقال الأخفش : اللوح : شدة العطش ، لاحه العطش ولوحه غيره . وقال الشاعر : سقتني على لوح من الماء شربة سقاها به اللّه الرهام الغواديا ويقال : التاح ، أي عطا . القسورة : الرماة والصيادون ، قاله ابن كيسان ؛ أو الأسد ، قاله جماعة من اللغويين ، قال مضمر تحدره الأبطال كأنه القسورة الريبال أو الرجال الشداد ، قال لبيد : إذا ما هتفنا هتفة في ندينا أتانا الرجال الصائدون القساور أو ظلمة أول الليل لا ظلمة آخره ، قاله ابن الأعرابي وثعلب . هذه السورة مكية ، قال ابن عطية بإجماع . وفي التحرير ، قال مقاتل : إلا آية وهي :{ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً} ومناسبتها لما قبلها أن في ما قبلها { ذَرْنِى وَالْمُكَذّبِينَ } ، وفيه { إِنَّ هَاذِهِ تَذْكِرَةٌ } ، فناسب { رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ قُمْ فَأَنذِرْ } ، وناسب ذكر يوم القيامة بعد ، وذكر بعض المكذبين في قوله :{ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} قال الجمهور : لما فزع من رؤية جبريل على كرسي بين السماء والأرض ورعب منه ، رجع إلى خديجة فقال : زملوني دثروني ، نزلت { رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الْمُدَّثّرُ} قال النخعي وقتادة وعائشة : نودي وهو في حال تدثره ، فدعى بحال من أحواله . وروي أنه كان تدثر في قطيفة . قيل : وكان يسمع من قريش ما كرهه ، فاغتم وتغطى بثوبه مفكراً ، فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه . وقال عكرمة معناه : يا أيها المدثر للنبوة وأثقالها ، كما قال في المزمل . وقرأ الجمهور :{ الْمُدَّثّرُ } بشد الدال . وأصله المتدثر فأدغم ، وكذا هو في حرف أبي على الأصل . وقرأ عكرمة : بتخفيف الدال ، كما قرىء بتخفيف الزاي في المزمل ، أي دثر نفسه . وعن عكرمة أيضاً : فتح التاء اسم مفعول ، وقال : دثرت هذا الأمر وعصب بك . |
﴿ ١ ﴾