سورة عبسمكية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١انظر تفسير الآية:٢ ٢عبس وتولى تصدّى : تعرّض ، قال الراعي : تصدى لو ضاح كأن جبينه سراج الدجى يجيء إليه الأساور وأصله : تصدّد من الصدد ، وهو ما استقبلك وصار قبالتك ، يقال : داري صدد داره : أي قبالتها . وقيل : من الصدى ، وهو العطش . وقيل : من الصدى ، وهو الصوت الذي تسمعه إذا تكلمت من بعد في خلاء كالجبل ، والمصاداة : المعارضة . السفرة : الكتبة ، الواحد سافر ، وسفرت المرأة : كشفت النقاب ، وسفرت بين القوم أسفر سفارة : أصلحت بينهم ، قاله الفراء ، الواحد سفير ، والجمع سفراء . قال الشاعر : فما أدع السفارة بين قومي وما أسعى بغش إن مشيت القضب ، قال الخليل ، الفصفصة الرطبة ، ويقال بالسين ، فإذا يبست فهي القت . قال : والقضب اسم يقع على ما يقع من أغصان الشجرة ليتخذ منها سهام أو قسي . الغلب جمع غلباء ، يقال : حديقة غلباء : غليظة الشجر ملتفة ، واغلولب العشب : بلغ والتف بعضه ببعض ، ورجل أغلب : غليظ الرقبة ، والأصل في هذا الوصف استعماله في الرقاب ، ومنه قول عمرو بن معدي كرب : يسعى بها غلب الرقاب كأنهم بزل كسين من الشعور جلالا الأبّ : المرعى لأنه يؤبّ ، أي يؤم وينتجع ، والأبّ والأم أخوان . قال الشاعر : جذمنا قيس ونجد دارنا ولنا الأبّ به والمكرع وقيل : ما يأكله الآدميون من النبات يسمى الحصيد ، وما أكله غيرهم يسمى الأب ، ومنه قول الصحابة يمدح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : له دعوة ميمونة ريحها الصبا بها ينبت اللّه الحصيدة والأبا الصاخة ، قال الخليل : صيحة تصخ الآذان صخاً ، أي تصمها لشدة وقعتها . وقيل : مأخوذة من صخه بالحجر إذا صكه . وقال الزمخشري : أصاخ لحديثه مثل أصاخ له . الغبرة : الغبار . القترة : سواد كالدخان . وقال أبو عبيدة : القتر في كلام العرب : الغبار ، جمع القترة . وقال الفرزدق : متوّج برداء الملك يتبعه فوج ترى فوقه الرايات والقترا هذه السورة مكية . وسبب نزولها مجيء ابن أم مكتوم إليه / صلى اللّه عليه وسلم ، وقد ذكر أهل الحديث وأهل التفسير قصته . ومناسبتها لما قبلها : أنه لما ذكر { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } ، ذكر في هذه من ينفعه الإنذار ومن لم ينفعه الإنذار ، وهم الذين كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يناجيهم في أمر الإسلام : عتبة بن ربيعة وأبو جهل وأبي وأمية ، ويدعوهم إليه . {أَن جَاءهُ } : مفعول من أجله ، أي لأن جاءه ، ويتعلق بتولى على مختار البصريين في الأعمال ، وبعبس على مختار أهل الكوفة . وقرأ الجمهور ؛{ عَبَسَ } مخففاً ، { ءانٍ } بهمزة واحدة ؛ وزيد بن علي : بشد الباء ؛ وهو والحسن وأبو عمران الجوني وعيسى : أآن بهمزة ومدة بعدها ؛ وبعض القراء : بهمزتين محققتين ، والهمزة في هاتين القراءتين للاستفهام ، وفيهما يقف على تولى . والمعنى : ألأن جاءه كاد كذا . وجاء بضمير الغائب في { عَبَسَ وَتَوَلَّى } إجلالاً له عليه الصلاة والسلام ، ولطفاً به أن يخاطبه لما في المشافهة بتاء الخطاب مما لا يخفى . وجاء لفظ { الاْعْمَى } إشعاراً بما يناسب من الرفق به والصغو لما يقصده ، ولابن عطية هنا كلام أضربت عنه صفحاً . ٣انظر تفسير الآية:٤ ٤وما يدريك لعله . . . . . والضمير في { لَعَلَّهُ } عائد على { الاْعْمَى } ،أي يتطهر بما يتلقن من العلم ، أو { يُذْكَرِ } : أي يتعظ ، { فَتَنفَعَهُ } ذكراك ، أي موعظتك . والظاهر مصب { يُدْرِيكَ } على جملة الترجي ، فالمعنى : لا تدري ما هو مترجى منه من تزك أو تذكر . وقيل : المعنى وما يطلعك على أمره وعقبى حاله . ثم ابتدأ القول :{ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } : أي تنمو بركته ويتطهر للّه . وقال الزمخشري : وقيل : الضمير في { لَعَلَّهُ } للكافر ، يعني أنك طمعت في أن يتزكى بالإسلام ، أو يذكر فتقر به الذكرى إلى قبول الحق ، وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن . انتهى . وهذا قول ينزه عنه حمل القرآن عليه . وقرأ الجمهور :{أَوْ يَذَّكَّرُ } بشد الذال والكاف ، وأصله يتذكر فأدغم ؛ والأعرج وعاصم في رواية : أو يذكر ، بسكون الذال وضم الكاف . وقرأ الجمهور :{ فَتَنفَعَهُ } ، برفع العين عطفاً على {أَوْ يَذَّكَّرُ } ؛ وعاصم في المشهور ، والأعرج وأبو حيوة أبي عبلة والزعفراني : بنصبهما . قال ابن عطية : في جواب التمني ، لأن قوله :{أَوْ يَذَّكَّرُ } في حكم قوله { لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} انتهى . وهذا ليس تمنياً ، إنما هو ترج وفرق بين الترجي والتمني . وقال الزمخشري : وبالنصب جواباً للعل ، كقوله :{ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَاهِ مُوسَى} انتهى . والترجي عند البصريين لا جواب له ، فينصب بإضمار أن بعد الفاء . وأما الكوفيون فيقولون : ينصب في جواب الترجي ، وقد تقدم لنا الكلام على ذلك في قوله :{ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَاهِ مُوسَى } في قراءة حفص ، ووجهنا مذهب البصريين في نصب المضارع . ٥أما من استغنى {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى } : ظاهره من كان ذا ثروة وغنى . وقال الكلبي : عن اللّه . وقيل : عن الإيمان باللّه . قيل : وكونه بمعنى الثروة لا يليق بمنصب النبوة ، ويدل على ذلك أنه لو كان من الثروة لكان المقابل : وأما من جاءك فقيراً حقيراً . ٦فأنت له تصدى وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والأعرج وعيسى والأعمش وجمهور السبعة : { تَصَدَّى } بخف الصاد ، وأصله يتصدى فحذف ؛ والحرميان : بشدها ، أدغم التاء في الصاد ؛ وأبو جعفر : تصدى ، بضم التاء وتخفيف الصاد ، أي يصدك حرصك على إسلامه . يقال : تصدى الرجل وصديته ، وهذا المستغنى هو الوليد ، أو أمية ، أو عتبة وشيبة ، أو أمية وجميع المذكورين في سبب النزول ، أقوال . قال القرطبي : وهذا كله غلط من المفسرين ، لأنه أمية والوليد كانا بمكة ، وابن أم مكتوم كان بالمدينة ما حضر معهما ، وماتا كافرين ، أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر ، ولم يقصد قط أمية المدينة ، ولا حضر معه مفرداً ولا مع أحد . انتهى . والغلط من القرطبي ، كيف ينفي حضور ابن أم مكتوم معهما ؟ وهو وهم منه ، وكلهم من قريش ، وكان ابن أم مكتوم بها : والسورة كلها مكية بالإجماع . وكيف يقول : وابن أم مكتوم بالمدينة ؟ كان أولاً بمكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وكانوا جميعهم بمكة حين نزول هذه الآية . وابن أم مكتوم هو عبد اللّه بن سرح بن مالك بن ربيعة الفهري ، من بني عامر بن لؤي ، وأم مكتوم أم أبيه عاتكة ، وهو ابن خال خديجة رضي اللّه عنها . ٧وما عليك ألا . . . . . {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى } : تحقير لأمر الكافر وحض على الإعراض عنه وترك الاهتمام به ، أي : وأي شيء عليك في كونه لا يفلح ولا يتطهر من دنس الكفر ؟ ٨وأما من جاءك . . . . . {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى } : أي يمشي بسرعة في أمر دينه ، ٩وهو يخشى {وَهُوَ يخشى } : أي يخاف اللّه ، أو يخاف الكفار وأذاهم ، أو يخاف العثار والسقوط لكونه أعمى ، وقد جاء بلا قائد يقوده . ١٠فأنت عنه تلهى {تَلَهَّى } : تشتغل ، يقال : لها عن الشيء يلهى ، إذا اشتغل عنه . قيل : وليس من اللّهو الذي هو من ذوات الواو . انتهى . ويمكن أن يكون منه ، لأن ما يبنى على فعل من ذوات الواو وتنقلب واوه ياء لكسرة ما قبلها ، نحو : شقي يشقى ، فإن كان مصدره جاء بالياء ، فيكون من مادة غير مادة اللّهو . وقرأ الجمهور :{ تَلَهَّى } ؛ والبزي عن ابن كثير : عنه وتلهى ، بإدغام تاء المضارعة في تاء تفعل ؛ وأبو جعفر : بضمها مبنياً للمفعول ، أي يشغلك دعاء الكافر للإسلام ؛ وطلحة : بتاءين ؛ وعنه بتاء واحدة وسكون اللام . ١١كلا إنها تذكرة {كَلاَّ إِنَّهَا } : أي سورة القرآن والآيات ، { تَذْكِرَةٌ } : عظة ينتفع بها . ١٢فمن شاء ذكره {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ } : أي فمن شاء أن يذكر هذه الموعظة ذكره ، أتى بالضمير مذكراً لأن التذكرة هي الذكر ، وهي جملة معترضة تتضمن الوعد والوعيد ، { فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبّهِ سَبِيلاً } ، واعترضت بين تذكرة وبين صفته ، أي تذكرة : كائنة . ١٣في صحف مكرمة {فَى صُحُفٍ } ،قيل : اللوح المحفوظ ، وقيل : صحف الأولياء المنزلة ، وقيل : صحف المسلمين ، فيكون إخباراً بمغيب ، إذ لم يكتب القرآن في صحف زمان ، كونه عليه السلام بمكة ينزل عليه القرآن ، مكرمة عند اللّه ، ١٤انظر تفسير الآية:١٥ ١٥مرفوعة مطهرة ومرفوعة في السماء السابعة ، قاله يحيى بن سلام ، أو مرفوعة عن الشبه والتناقض ، أو مرفوعة المقدار . { مُّطَهَّرَةٍ } : أي منزهة عن كل دنس ، قاله الحسن . وقال أيضاً : مطهرة من أن تنزل على المشركين . وقال الزمخشري : منزهة عن أيدي الشياطين ، لا تمسها إلا أيدي ملائكة مطهرة .{ سَفَرَةٍ } : كتبة ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ . انتهى .{ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ } ، قال ابن عباس : هم الملائكة لأنهم كتبة . وقال أيضاً : لأنهم يسفرون بين اللّه تعالى وأنبيائه . وقال قتادة : هم القراء ، وواحد السفرة سافر . وقال وهب : هم الصحابة ، لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والعلم . ١٧قتل الإنسان ما . . . . . {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ } ،قيل : نزلت في عتبة بن أبي لهب ، غاضب أباه فأسلم ، ثم استصلحه أبوه وأعطاه مالاً وجهزه إلى الشام ، فبعث إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كافر برب النجم إذا هوى . وروي أنه صلى اللّه عليه وسلم قال : { اللّهم ابعث عليه كلبك يأكله} . فلما انتهى إلى الغاضرة ذكر الدعاء ، فجعل لمن معه ألف دينار إن أصبح حياً ، فجعلوه وسط الرفقة والمتاع حوله . فأقبل الأسد إلى الرجال ووثب ، فإذا هو فوقه فمزقه ، فكان أبوه يندبه ويبكي عليه ، وقال : ما قال محمد شيئاً قط إلا كان ، والآية ، وإن نزلت في مخصوص ، فالإنسان يراد به الكافر . وقتل دعاء عليه ، والقتل أعظم شدائد الدنيا .{ مَا أَكْفَرَهُ } ، الظاهر أنه تعجب من إفراط كفره ، والتعجب بالنسبة للمخلوقين ، إذ هو مستحيل في حق اللّه تعالى ، أي هو ممن يقال فيه ما أكفره . وقيل : ما استفهام توقيف ، أي : أي شيء أكفره ؟ أي جعله كافراً ، بمعنى لأي شيء يسوغ له أن يكفر . ١٨من أي شيء . . . . . {مِنْ أَىّ شَىْء خَلَقَهُ } : استفهام على معنى التقرير على حقارة ما خلق منه . ١٩من نطفة خلقه . . . . . ثم بين ذلك الشيء الذي خلق منه فقال : { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } : أي فهيأه لما يصلح له . وقال ابن عباس : أي في بطن أمه ، وعنه قدر أعضاءه ، وحسناً ودميماً وقصيراً وطويلاً وشقياً وسعيداً . وقيل : من حال إلى حال ، نطفة ثم علقة ، إلى أن تم خلقه . ٢٠ثم السبيل يسره {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } : أي ثم يسر السبيل ، أي سهل . قال ابن عباس وقتادة وأبو صالح والسدي : سبيل النظر القويم المؤدي إلى الإيمان ، وتيسيره له هو هبة العقل . وقال مجاهد والحسن وعطاء وابن عباس في رواية أبي صالح عنه : السبيل العام اسم الجنس في هدى وضلال ، أي يسر قوماً لهذا ، كقوله :{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ } الآية ، وقوله تعالى :{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ } ؛ وعن ابن عباس : يسره للخروج من بطن أمه . ٢١ثم أماته فأقبره {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } : أي جعل له قبراً صيانة لجسده أن يأكله الطير والسباع . قبره : ذفنه ، وأقبره : صيره بحيث يقبر وجعل له قبراً ، والقابر : الدافن بيده . قال الأعشى : لو أسندت ميتاً إلى قبرها عاش ولم ينقل إلى قابر ٢٢ثم إذا شاء . . . . . {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ } : أي إذا أراد إنشاره أنشره ، والمعنى : إذا بلغ الوقت الذي قد شاءه اللّه ، وهو يوم القيامة . وفي كتاب اللوامح شعيب بن الحبحاب : شاء نشره ، بغير همز قبل النون ، وهما لغتان في الأحياء ؛ وفي كتاب ابن عطية : وقرأ شعيب بن أبي حمزة : شاء نشره . ٢٣كلا لما يقض . . . . . {كَلاَّ } : ردع للإنسان عن ما هو فيه من الكفر والطغيان .{ لَمَّا يَقْضِ } : يفي من أول مدة تكليفه إلى حين إقباره ، { مَا أَمَرَهُ } به اللّه تعالى ، فالضمير في يقض للإنسان . وقال ابن فورك : للّه تعالى ، أي لم يقض اللّه لهذا الكافر ما أمره به من الإيمان ، بل أمره بما لم يقض له . ٢٤فلينظر الإنسان إلى . . . . . ولما عدّد تعالى نعمه في نفس الإنسان ، ذكر النعم فيما به قوام حياته ، وأمره بالنظر إلى طعامه وكيفيات الأحوال التي اعتورت على طعامه حتى صار بصدد أن يطعم . والظاهر أن الطعام هو المطعوم ، وكيف ييسره اللّه تعالى بهذه الوسائط المذكورة من صب الماء وشق الأرض والإنبات ، وهذا قول الجمهور . وقال أبيّ وابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم : { إِلَى طَعَامِهِ } : أي إذا صار رجيعاً ليتأمل عاقبة الدنيا على أي شيء يتفانى أهلها . ٢٥أنا صببنا الماء . . . . . وقرأ الجمهور : إنا بكسر الهمزة ؛ والأعرج وابن وثاب والأعمش والكوفيون ورويس : { أَنَاْ } بفتح الهمزة ؛ والحسين بن عليّ رضي اللّه تعالى عنهما : أني بفتح الهمزة مما لا ؛ فالكسر على الاستئناف في ذكر تعداد الوصول إلى الطعام ، والفتح قالوا على البدل ، ورده قوم ، لأن الثاني ليس الأول . قيل : وليس كما ردوا لأن المعنى : فلينظر الإنسان إلى إنعامنا في طعامه ، فترتب البدل وصح . انتهى . كأنهم جعلوه بدل كل من كل ، والذي يظهر أنه بدل الاشتمال . وقراءة أبي ممالا على معنى : فلينظر الإنسان كيف صببنا . وأسند تعالى الصب والشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب ، وصب الماء هو المطر . ٢٦ثم شققنا الأرض . . . . . والظاهر أن الشق كناية عن شق الفلاح بما جرت العادة أن يشق به . وقيل : شق الأرض هو بالنبات . ٢٧فأنبتنا فيها حبا {حَبّاً } : يشمل ما يسمى حباً من حنطة وشعير وذرة وسلت وعدس وغير ذلك . ٢٨وعنبا وقضبا {وَقَضْباً } ، قال الحسن : العلف ، وأهل مكة يسمون القت القضب . وقيل : الفصفصة ، وضعف لأنه داخل في الأب . وقيل : ما يقضب ليأكله ابن آدم غضاً من النبات ، كالبقول والهليون . وقال ابن عباس : هو الرطب ، لأنه يقضب من النخل ، ولأنه ذكر العنب قبله . ٣٠وحدائق غلبا {غُلْباً } ، قال ابن عباس : غلاظاً ، وعنه : طوالاً ؛ وعن قتادة وابن زيد : كراماً ؛ ٣١وفاكهة وأبا {وَفَاكِهَةٍ } : ما يأكله الناس من ثمر الشجر ، كالخوخ والتين ؛{ وَأَبّاً } : ما تأكله البهائم من العشب . وقال الضحاك : التبن خاصة . وقال الكلبي : كل نبات سوى الفاكهة رطبها ، والأب : يابسها . ٣٣فإذا جاءت الصاخة {الصَّاخَّةُ } : اسم من أسماء القيامة يصم نبأها الآذان ، تقول العرب : صختهم الصاخة ونابتهم النائبة ، أي الداهية . وقال أبو بكر بن العربي : الصاخة هي التي تورث الصمم ، وأنها لمسمعة ، وهذا من بديع الفصاحة ، كقوله : أصمهم سرّهم أيام فرقتهم فهل سمعتم بسرّ يورث الصمما وقول الآخر : أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ولعمر اللّه إن صيحة القيامة مسمعه تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة . انتهى . ٣٤يوم يفر المرء . . . . . {يَوْمَ يَفِرُّ } : بدل من إذا ، وجواب إذا محذوف تقديره : اشتغل كل إنسان بنفسه ، يدل عليه : ٣٧لكل امرئ منهم . . . . . {لِكُلّ امْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } ، وفراره من شدّة الهول يوم القيامة ، كما جاء من قول الرسل : { نفسي نفسي} . وقيل : خوف التبعات ، لأن الملابسة تقتضي المطالبة . يقول الأخ : لم تواسني بمالك ، والأبوان قصرت في برنا ، والصحابة أطمتني الحرام وفعلت وصنعت ، والبنون لم تعلمنا وترشدنا . وقرأ الجمهور :{ يُغْنِيهِ } : أي عن النظر في شأن الآخر من الإغناء ؛ والزهري وابن محيصن وابن أبي عبلة وحميد وابن السميقع : يعنيه بفتح الياء والعين المهملة ، من قولهم : عناني الأمر : قصدني . ٣٨وجوه يومئذ مسفرة {مُّسْفِرَةٌ } : مضيئة ، من أسفر الصبح : أضاء ، ٤٠انظر تفسير الآية:٤١ ٤١ووجوه يومئذ عليها . . . . . و { تَرْهَقُهَا } : تغشاها ، { قَتَرَةٌ } : أي غبار . والأولى ما يغشاه من العبوس عند الهم ، والثانية من غبار الأرض . وقيل :{ غَبَرَةٌ } : أي من تراب الأرض ، وقترة : سواد كالدخان . وقال زيد بن أسلم : الغبرة : ما انحطت إلى الأرض ، والقترة : ما ارتفعت إلى السماء . وقرأ الجمهور : قترة ، بفتح التاء ؛ وابن أبي عبلة : بإسكانها . |
﴿ ٠ ﴾