٦

وإذا البحار سجرت

{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ } : تقدم أقوال العلماء في سجر البحر في الطور ، والبحر المسجور ، وفي كتاب لغات القراآت ، سجرت : جمعت ، بلغة خثعم . وقال هنا ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى : ملكت وقيد اضطرابها حتى لا تخرج على الأرض من الهول ، فتكون اللفظة مأخوذة من ساجور الكلب .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : بخف الجيم ؛ وباقي السبعة : بشدها .

قال ابن عطية : وذهب قوم إلى أن هذه الأشياء المذكورة استعارات في كل ابن آدم وأحواله عند الموت . فالشمس نفسه ، والنجوم عيناه وحواسه ، وهذا قول ذاهب إلى إثبات الرموز في كتاب اللّه تعالى . انتهى . وهذا مذهب الباطنية ، ومذاهب من ينتمي إلى الإسلام من غلاة الصوفية ، وقد أشرنا إليهم في خطبة هذا الكتاب ؛ وإنما هؤلاء زنادقة تستروا بالانتماء إلى ملة الإسلام . وكتاب اللّه جاء بلسان عربي مبين ، لا رمز فيه ولا لغز ولا باطن ، ولا إيماء لشيء مما تنتحله الفلاسفة ولا أهل الطبائع . ولقد ضمن تفسيره أبو عبد اللّه الرازي المعروف بابن خطيب الري أشياء مما قاله الحكماء عنده وأصحاب النجوم وأصحاب الهيئة ، وذلك كله بمعزل عن تفسير كتاب اللّه عز وجل . وكذلك ما ذكره صاحب التحرير والتحبير في آخر ما يفسره من الآيات من كلام من ينتمي إلى الصوف ويسميها الحقائق ، وفيها ما لا يحل كتابته ، فضلاً عن أن يعتقد ، نسأل اللّه تعالى السلامة في ديننا وعقائدنا وما به قوام ديننا ودنيانا .

﴿ ٦