٣الذين إذا اكتالوا . . . . . التطفيف النقصان وأصله من الطفيف وهو النزل الحقير والمطفف الآخذ في وزن أو كيل طفيفاً أي شيئاً حقيراً خفياً . ران غطى وغشى كالصدإ يغشى السيف . قال الشاعر : وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران فانجلا وأصل الرين الغلبة يقال رانت الخمر على عقل شاربها وران الغشى على عقل المريض . قال أبو زبيد : ثم لما رآه رانت به الخمر وأن لا يرينه بانتقاء وقال أبو زيد يقال رين بالرجل يران به ريناً إذا وقع فيما لا يستطيع منه الخروج . الرحيق قال الخليل أجود الخمر . وقال الأخفش والزجاج الشراب الذي لا غش فيه . قال حسان : بردى يصفق بالرحيق السلسل نافس في الشيء رغب فيه ونفست عليه بالشيء أنفس نفاسة إذا بخلت به عليه ولم تحب أن يصير إليه . التسنيم أصله الارتفاع ومنه تسنيم القبر وسنام البعير وتسنمته علوت سنامه . الغمز الإشارة بالعين والحاجب . هذه السورة مكية في قول ابن مسعود والضحاك ومقاتل ، مدنية في قول الحسن وعكرمة ومقاتل أيضاً . وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا من { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ } إلى آخرها ، فهو مكي ، ثمان آيات . وقال السدي : كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة ، له مكيلان ، يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص ، فنزلت . ويقال : أنها أول سورة أنزلت بالمدينة . وقال ابن عباس : نزل بعضها بمكة ، ونزل أمر التطفيف بالمدينة لأنهم كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى ، فأصلحهم اللّه بهذه السورة . وقيل : نزلت بين مكة والمدينة ليصلح اللّه تعالى أمرهم قبل ورود رسوله صلى اللّه عليه وسلم. والمناسبة بين السورتين ظاهرة . لما ذكر تعالى السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأن يومه ، ذكر ما أعد لبعض العصاة ، وذكرهم بأخس ما يقع من المعصية ، وهي التطفيف الذي لا يكاد يجدي شيئاً في تثمير المال وتنميته . {إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ } : قبضوا لهم ، { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } ، أقبضوهم . وقال الفراء : من وعلى يعتقبان هنا ، اكتلت على الناس ، واكتلت من الناس . فإذا قال : اكتلت منك ، فكأنه قال : استوفيت منك ؛ وإذا قال : اكتلت عليك ؛ فكأنه قال : أخذت ما عليك ، والظاهر أن على متعلق باكتالوا كما قررنا . وقال الزمخشري : لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم ، أبدل على مكان من للدلالة على ذلك ؛ ويجوز أن يتعلق بيستوفون ، أي يستوفون على الناس خاصة ، فأما أنفسهم فيستوفون لها . انتهى . وكال ووزن مما يتعدى بحرف الجر ، فتقول : كلت لك ووزنت لك ، ويجوز حذف اللام ، كقولك : نصحت لك ونصحتك ، وشكرت لك وشكرتك ؛ والضمير ضمير نصب ، أي كالوا لهم أو وزنوا لهم ، فحذف حرف الجر ووصل الفعل بنفسه ، والمفعول محذوف وهو المكيل والموزون . وعن عيسى وحمزة : المكيل له والموزون له محذوف ، وهم ضمير مرفوع تأكيد للضمير المرفوع الذي هو الواو . وقال الزمخشري : ولا يصح أن يكون ضميراً مرفوعاً للمطففين ، لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد ، وذلك أن المعنى : إذا أخذوا من الناس استوفوا ، وإذا أعطوهم أخسروا . وإن جعلت الضمير للمطففين ، انقلب إلى قولك : إذا أخذوا من الناس استوفوا ، وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا ، وهو كلام متنافر ، لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر . انتهى . ولا تنافر فيه بوجه ، ولا فرق بين أن يؤكد الضمير وأن لا يؤكد ، والحديث واقع في الفعل . غاية ما في هذا أن متعلق الاستيفاء ، وهو على الناس ، مذكور وهو في { كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } ، محذوف للعلم به لأنه معلوم أنهم لا يخسرون الكيل والميزان إذا كان لأنفسهم ، إنما يخسرون ذلك لغيرهم . وقال الزمخشري : فإن قلت : هل لا . قيل أو اتزنوا ، كما قيل أو وزنوهم ؟ قلت : كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة ، لأنهم يدعدعون ويحتالون في الملء ، وإذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعاً . { يُخْسِرُونَ } : ينقصون . انتهى . ويخسرون معدّى بالهمزة ، يقال : خسر الرجل وأخسره غيره . |
﴿ ٣ ﴾