٤والفجر الحجر : العقل ، قال الفراء : العرب تقول : إنه لذو حجر إذا كان قاهراً لنفسه حافظاً لها ، كأنه من حجرت على الرجل ، إرم : أمّة قديمة ، وقيل : اسم أبي عاد كلها ، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام . وقيل : مدينة ، وعلى أنه اسم قبيلة . قال زهير : وآخرين ترى الماذيّ عدتهم من نسج داود أو ما أورثت إرم وقال الرقيات : مجداً تليداً بناه أوله أدرك عاداً وقبله إرم جاب : خرق وقطع ، تقول جبت البلاد أجوبها ، إذا قطعتها وجاوزتها ، قال : ولا رأيت قلوصاً قبلها حملت ستين وسقاً ولا جابت بها بلدا السوط : آلة للضرب معروفة . قال بعض اللغويين : وهو مصدر من ساط يسوط إذا اختلط . وقال الليث : ساطه إذا خلطه بالسوط ، ومنه قول الشاعر : أحارث أنا لو تساط دماؤنا تزايلن حتى لا يمس دم دما وقال أبو زيد : يقال أموالهم سويطة بينهم : أي مختلطة اللم الجمع واللف . قال أبو عبيدة : لممت ما على الخوان ، إذا أكلت جميع ما عليه بأسره . وقال الحطيئة : إذا كان لما يتبع الذم ربه فلا قدس الرحمن تلك الطواحنا ومنه : لممت الشعث ، قال النابغة : ولست بمستبق أخاً لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب الجم : الكبير . هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال عليّ بن أبي طلحة : مدنية . ولما ذكر فيما قبلها { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } ، و { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } ، أتبعها بذكر الطوائف المتكبرين المكذبين المتجبرين الذين وجوههم خاشعة ، وأشار إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله :{ أَحَدٌ يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} وأيضاً لما قال :{ إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ } ، قال هنا :{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } ، تهديداً لمن كفر وتولى . وقرأ أبو الدينار الأعرابي : والفجر ، والوتر ، ويسر بالتنوين في الثلاثة . قال ابن خالويه : هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على آخر القوافي بالتنوين ، وإن كان فعلاً ، وإن كان فيه ألف ولام . قال الشاعر : أقلّي اللوم عاذل والعتابا وقولي إن أصبت لقد أصابا انتهى . وهذا ذكره النحويون في القوافي المطلقة إذا لم يترنم الشاعر ، وهو أحد الوجهين اللذين للعرب إذا وقفوا على الكلم في الكلام لا في الشعر ، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى القوافي . وقرأ الجمهور : { وَلَيالٍ عَشْرٍ } بالتنوين ؛ وابن عباس : بالإضافة ، فضبطه بعضهم .{ وَلَيالٍ عَشْرٍ } بلام دون ياء ، وبعضهم وليالي عشر بالياء ، ويريد : وليالي أيام عشر . ولما حذف الموصوف المعدود ، وهو مذكر ، جاء في عدده حذف التاء من عشر . والجمهور :{ وَالْوَتْرِ } بفتح الواو وسكون التاء ، وهي لغة قريش . والأغر عن ابن عباس ، وأبو رجاء وابن وثاب وقتادة وطلحة والأعمش والحسن : بخلاف عنه ؛ والأخوان : بكسر الواو ، وهي لغة تميم ، واللغتان في الفرد ، فأما في الرحل فالكسر لا غير . وحكى الأصمعي : فيه اللغتين ؛ ويونس عن أبي عمرو : بفتح الواو وكسر التاء . والجمهور :{ يَسْرِ } بحذف الياء وصلاً ووقفاً ؛ وابن كثير : بإثباتها فيهما ؛ ونافع وابن عمرو : بخلاف عنه بياء في الوصل وبحذفها في الوقف ؛ والظاهر وقول الجمهور ، منهم علي وابن عباس وابن الزبير : أن الفجر هو المشهور ، أقسم به كما أقسم بالصبح ، ويراد به الجنس ، لا فجر يوم مخصوص . وقال ابن عباس ومجاهد ؛ من يوم النحر ؛ وعكرمة : من يوم الجمعة ؛ والضحاك : من ذي الحجة ؛ ومقاتل : من ليلة جمع ؛ وابن عباس وقتادة : من أول يوم من المحرم . وعن ابن عباس أيضاً : الفجر : النهار كله ؛ وعنه أيضاً وعن زيد بن أسلم : الفجر هو صلاة الصبح ، وقرآنها هو قرآن الفجر . وقيل : فجر العيون من الصخور وغيرها . وقال ابن الزبير والكلبي وقتادة ومجاهد والضحاك والسدي وعطية العوفي : هي عشر ذي الحجة ؛ وابن عباس والضحاك : العشر الأواخر من رمضان . وقال ابن جريج : الأول منه ؛ ويمان وجماعة : الأول من المحرم ومنه يوم عاشوراء ؛ ومسروق ومجاهد : وعشر موسى عليه السلام التي أتمها اللّه تعالى . قيل : والأظهر قول ابن عباس للحديث المتفق على صحته . قالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله . قال التبريزي : اتفقوا على أنه العشر الأواخر ، يعني من رمضان ، لم يخالف فيه أحد ، فتعظيمه مناسب لتعظيم القسم . وقال الزمخشري : وأراد بالليالي العشر عشر ذي الحجة . فإن قلت : فما بالها منكرة من بين ما أقسم به ؟ قلت : لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر ، بعض منها أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها . فإن قلت : فهل لا عرفت بلام العهد لأنها ليال معلومة معهودة ؟ قلت : لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير ، ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية ، انتهى . أما السؤالان فظاهران ، وأما الجواب عنهما فلفظ ملفق لا يعقل منه معنى فيقبل أو يرد . والشفع والوتر : ذكر في كتاب التحرير والتحبير فيها ستة وثلاثين قولاً ضجرنا من قراءتها فضلاً عن كتابتها في كتابنا هذا ، وعن عمران بن حصين ، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : { هي الصلوات ، منها الشفع ومنها الوتر} . وروى أبو أيوب عنه صلى اللّه عليه وسلم : { الشفع يوم عرفة ويوم الأضحى ، والوتر : ليلة النحر }. وروى جابر عنه صلى اللّه عليه وسلم : { الشفع يوم النحر ، والوتر يوم عرفة} . وفي هذا الحديث تفسيره عليه الصلاة والسلام الفجر بالصبح والليالي العشر بعشر النحر ، وهو قول ابن عباس وعكرمة ، واختاره النحاس . وقال حديث أبي الزبير عن جابر : هو الذي صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو أصح إسناداً من حديث عمران بن حصين : { صوم عرفة وتر لأنه تاسعها ، ويوم النحر شفع لأنه عاشرها} . وذكر ابن عطية في الشفع والوتر أربعة عشر قولاً ، والزمخشري ثلاثة أقوال ، ثم قال : وقد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه ، وذلك قليل الطائل جدير بالتلهي عنه ، انتهى . {وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } : قسم بجنس الليل ، ويسري : يذهب وينقرض ، كقوله :{ وَالَّيْلِ إِذَا أَدْبَرَ} وقال الأخفش وابن قتيبة : يسري فيه ، فيكون من باب ليلك نائم . وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : المراد ليلة جمع لأنه يسري فيها ، وجواب القسم محذوف . قال الزمخشري : وهو لنعذبن ، يدل عليه قوله :{ أَلَمْ تَرَ } إلى قوله :{ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} وقال ابن الأنباري : الجواب :{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} والذي يظهر أن الجواب محذوف يدل عليه ما قبله من آخر سورة الغاشية ، وهو قوله :{ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } ، وتقديره : لإيابهم إلينا وحسابهم علينا . وقول مقاتل : |
﴿ ٤ ﴾