سورة التينمكية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١والتين والزيتون التين : هو الفاكهة المعروفة ، واسم جبل ، وتأتي أقوال المفسرين فيه . هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال ابن عباس وقتادة : مدنية . ولما ذكر فيما قبلها من كمله اللّه خلقاً وخلقاً وفضله على سائر العالم ، ذكر هنا حالة من يعاديه ، وأنه يرده أسفل سافلين في الدنيا والآخرة ، وأقسم تعالى بما أقسم به أنه خلقه مهيأ لقبول الحق ، ثم نقله كما أراد إلى الحالة السافلة . والظاهر أن التين والزيتون هما المشهوران بهذا الاسم ، وفي الحديث : { مدح التين وأنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس } ، وقال تعالى : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء } ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة والنخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي . وقال كعب وعكرمة : أقسم تعالى بمنابتهما ، فإن التين ينبت كثيراً بدمشق ، والزيتون بإيليا ، فأقسم بالأرضين . وقال قتادة : هما جبلان بالشام ، على أحدهما دمشق وعلى الآخر بيت المقدس ، انتهى . وفي شعر النابغة ذكر التين وشرح بأنه جبل مستطيل . قال النابغة : صهب الظلال أبين التين عن عرض يزجين غيماً قليلاً ماؤه شبها وقيل : هما مسجدان ، واضطربوا في مواضعهما اضطراباً كثيراً ضربنا عن ذلك صفحاً . ٢وطور سينين ولم يختلف في طور سيناء أنه جبل بالشام ، وهو الذي كلم اللّه تعالى موسى عليه السلام عليه . ومعنى { سِينِينَ } : ذو الشجر . وقال عكرمة : حسن مبارك . وقرأ الجمهور :{ سِينِينَ } ؛ وابن أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاء : بفتح السين ، وهي لغة بكر وتميم . قال الزمخشري : ونحو سينون بيرون في جواز الإعراب بالواو والياء ، والإقرار على الياء تحريك النون بحركات الإعراب ، انتهى . وقرأ عمر بن الخطاب وعبد اللّه وطلحة والحسن : سيناء بكسر السين والمد ؛ وعمر أيضاً وزيد بن علي : بفتحها والمد ، وهو لفظ سرياني اختلفت بها لغات العرب . وقال الأخفش : سينين : شجر واحده سينينة . ٣وهذا البلد الأمين {وَهَاذَا الْبَلَدِ الاْمِينِ } : هو مكة ، وأمين للمبالغة ، أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان ، أو من أمن الرجل بضم الميم أمانة فهو أمين ، وأمانته حفظه من دخله ولا ما فيه من طير وحيوان ، أو من أمن الرجل بضم الميم أمانة فهو أمين ، كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه . ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل . كما وصف بالآمن في قوله :{ حَرَماً ءامِناً } بمعنى ذي أمن . ومعنى القسم بهذه الأشياء إبانة شرفها وما ظهر فيها من الخير بسكنى الأنبياء والصالحين . فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم عليه السلام ومولد عيسى ومنشأه ، والطور هو المكان الذي نودي عليه موسى عليه السلام ، ومكة مكان مولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومبعثه ومكان البيت الذي هو هدى للعالمين . ٤لقد خلقنا الإنسان . . . . . {فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ، قال النخعي ومجاهد وقتادة : حسن صورته وحواسه . وقيل : انتصاب قامته . وقال أبو بكر بن طاهر : عقله وإدراكه زيناه بالتمييز . وقال عكرمة : شبابه وقوته ، والأولى العموم في كل ما هو أحسن . والإنسان هنا اسم جنس ، وأحسن صفة لمحذوف ، أي في تقويم أحسن . ٥انظر تفسير الآية:٦ ٦ثم رددناه أسفل . . . . . {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } ، قال عكرمة والضحاك والنخعي : بالهرم وذهول العقل وتغلب الكبر حتى يصير لا يعلم شيئاً . أما المؤمن فمرفوع عنه القلم والاستثناء على هذا منقطع ، وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا ، بل في الجنس من يعتريه ذلك . وقال الحسن ومجاهد وأبو العالية وابن زيد وقتادة أيضاً :{ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } في النار على كفره ، ثم استثنى استثناء متصلاً . وقرأ الجمهور : سافلين منكراً ؛ وعبد اللّه : السافلين معرفاً بالألف واللام . وأخذ الزمخشري أقوال السلف وحسنها ببلاغته وانتفاء ألفاظه فقال : في أحسن تعديل لشكله وصورته وتسوية أعضائه ، ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية ، إذ رددناه أسفل من سفل خلقاً وتركيباً ، يعني أقبح من قبح صورة وأشوهه خلقة ، وهم أصحاب النار . وأسفل من سفل من أهل الدركات . أو ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل ، حيث نكسناه في خلقه ، فقوس ظهره بعد اعتداله ، وابيض شعره بعد سواده ، وتشنن جلده وكان بضاً ، وكلّ سمعه وبصره وكانا حديدين ، وتغير كل شيء فيه ، فمشيه دلف ، وصوته خفات ، وقوته ضعف ، وشهامته خرف ، . انتهى ، وفيه تكثير . وعلى أن ذلك الرد هو إلى الهرم ، فالمعنى : ولكن الصالحين من الهرمي لهم ثواب دائم غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء اللّه بالشيخوخة والهرم . وفي الحديث : { إذا بلغ مائة ولم يعمل كتب له مثل ما كان يعمل في صحته ولم تكتب عليه سيئة } ، وفيه أيضاً : { أن المؤمن إذا رد لأرذل العمر كتب له ما كان يعمل في قوته } ، وذلك أجر غير ممنون وممنوع مقطوع ، أي محسوب يمن به عليهم . ٧فما يكذبك بعد . . . . . والخطاب في { فَمَا يُكَذّبُكَ } للإنسان الكافر ، قاله الجمهور ، أي ما الذي يكذبك ، أي يجعلك مكذباً بالدين تجعل للّه أنداداً وتزعم أن لا بعث بعد هذه الدلائل ؟ وقال قتادة والأخفش والفراء : قال اللّه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم : فإذا الذي يكذبك فيما تخبر به من الجزاء والبعث وهو الدين بعد هذه العبرة التي توجب النظر فيها صحة ما قلت . ٨أليس اللّه بأحكم . . . . . {أَلَيْسَ اللّه بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } : وعيد للكفار وإخبار بعدله تعالى . |
﴿ ٠ ﴾