سورة العلق

مكية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

اقرأ باسم ربك . . . . .

السفع ، قال المبرد : الجذب بشدة ، وسفع بناصية فرسه : جدب ، قال عمرو بن معد يكرب : قوم إذا كثر الصياح رأيتهم

من بين ملجم مهره أو سافع

وقال مؤرج : معناه الأخذ بلغة قريش ، النادي والندى : المجلس ، ومنه قول الأعرابية : سيد ناديه وثمال عافيه ، وقال زهير : وفيهم مقامات حسان وجوههم

وأندية ينتابها القول والفعل

الزبانية : ملائكة العذاب ، فقيل : جمع لا واحد له من لفظه ، كعباديد .

وقيل : واحدهم زبنية على وزن حدرية وعفرية ، قاله أبو عبيدة . وقال الكسائي : زبني ، وكأنه نسب إلى الزبن ثم غير للنسب ، كقولهم : أنسي وأصله زباني . قال عيسى بن عمرو الأخفش : واحدهم زابن ، والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه ، ومنه قول الشاعر : ومستعجب مما يرى من أناتنا

ولو زبنته الحرب لم يترمرم

وقال عتبة بن أبي سفيان : وقد زنبتنا الحرب وزبناها .

هذه السورة مكية ، وصدرها أول ما نزل من القرآن ، وذلك في غار حراء على ما ثبت في صحيح البخاري وغيره . وقول جابر : أول ما نزل المدثر . وقول أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل : أول ما نزل الفاتحة لا يصح .

وقال الزمخشري ، عن ابن عباس ومجاهد : هي أول سورة نزلت ، وأكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم ، انتهى . ولما ذكر فيما قبلها خلق الإنسان في أحسن تقويم ، ثم ذكر ما عرض له بعد ذلك ، ذكره هنا منبهاً على شيء من أطواره ، وذكر نعمته عليه ، ثم ذكر طغيانه بعد ذلك وما يؤل إليه حاله في الآخرة .

وقرأ الجمهور :{ اقْرَأْ } بهمزة ساكنة ؛ والأعشى ، عن أبي بكر ، عن عاصم : بحذفها ، كأنه على قول من يبدل الهمزة بمناسب حركتها فيقول : قرأ يقرا ، كسعى يسعى . فلما أمر منه قيل : اقر بحذف الألف ، كما تقول : اسع ، والظاهر تعلق الباء باقرأ وتكون للاستعانة ، ومفعول اقرأ محذوف ، أي اقرأ ما يوحى إليك .

وقيل :{ بِاسْمِ رَبّكَ } هو المفعول وهو المأمور بقراءته ، كما تقول : اقرأ الحمد للّه .

وقيل : المعنى اقرأ في أول كل سورة ، وقراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم . وقال الأخف ٥ : الباء بمعنى على ، أي اقرأ على اسم اللّه ، كما قالوا في قوله :{ وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّه } ،أي على اسم اللّه .

وقيل : المعنى اقرأ القرآن مبتدئاً باسم ربك .

وقال الزمخشري : محل باسم ربك النصب على الحال ، أي اقرأ مفتتحاً باسم ربك ، قل بسم اللّه ثم اقرأ ، انتهى . وهذا قاله قتادة . المعنى : اقرأ ما أنزل عليك من القرآن مفتتحاً باسم ربك . وقال أبو عبيدة : الباء صلة ، والمعنى اذكر ربك . وقال أيضاً : الاسم صلة ، والمعنى اقرأ بعون ربك وتوفيقه . وجاء باسم ربك ، ولم يأت بلفظ الجلالة لما في لفظ الرب من معنى الذي رباك ونظر في مصلحتك . وجاء الخطاب ليدل على الاختصاص والتأنيس ، أي ليس لك رب غيره . ثم جاء بصفة الخالق ، وهو المنشىء للعالم لما كانت العرب تسمي الأصنام أرباً . أتى بالصفة التي لا يمكن شركة الأصنام فيها ، ولم يذكر متعلق الخلق أولاً ، فالمعنى أنه قصد إلى استبداده بالخلق ، فاقتصر أو حذف ، إذ معناه خلق كل شيء .

ثم ذكر خلق الإنسان ، وخصه من بين المخلوقات لكونه هو المنزل إليه ، وهو أشرف .

قال الزمخشري : أشرف ما على الأرض ، وفيه دسيسة أن الملك أشرف . وقال : ويجوز أن يراد الذي خلق الإنسان ، كما قال :{ الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءانَ خَلَقَ الإِنسَانَ } ؛ فقيل : الذي خلق مبهماً ،

﴿ ١