سورة القارعة

مكية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

انظر تفسير الآية:٢

٢

القارعة

الفراش ، قال الفراء : هو الهمج الطائر من بعوض وغيره ، ومنه الجراد .

ويقال : هو أطيش من فراشة . قال : وقد كان أقوام رددت قلوبهم عليهم ، وكانوا كالفراش من الجهل .

وقيل : فراشة الحلم نفشت الصوف والقطن : فرقت ما كان ملبداً من أجزائه .

هذه السورة مكية . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة ، لأنه ذكر وقت بعثرت القبور ، وذلك هو وقت الساعة . وقال الجمهور :{ الْقَارِعَةُ } : القيامة نفسها ، لأنها تقرع القلوب بهولها .

وقيل : صيحة النفخة في الصور ، لأنها تقرع الأسماع وفي ضمن ذلك القلوب . وقال الضحاك : هي النار ذات التغيظ والزفير .

وقرأ الجمهور :{ الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ } بالرفع ، فما استفهام فيه معنى الاستعظام والتعجب وهو مبتدأ ، والقارعة خبره ، وتقدم تقرير ذلك في { الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ}

وقيل ذلك في قوله :{ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} وقال الزجاج : هو تحذير ، والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب ، قال الشاعر :

أخو النجدة السلاح السلاح

وقرأ عيسى : بالنصب ، وتخريجه على أنه منصوب بإضمار فعل ، أي اذكروا القارعة ، وما زائدة للتوكيد

والقارعة تأكيد لفظي للأولى .

٤

يوم يكون الناس . . . . .

وقرأ الجمهور : { يَوْمٍ } بالنصب ، وهو ظرف ، العامل فيه ،

قال ابن عطية : القارعة . فإن كان عنى بالقارعة اللفظ الأول ، فلا يجوز للفصل بين العامل ، وهو في صلة أل ، والمعمول بالخبر ؛ وكذا لو صار القارعة علماً للقيامة لا يجوز أيضاً ، وإن كان عنى اللفظ الثاني أو الثالث ، فلا يلتئم معنى الظرف معه .

وقال الزمخشري : الظرف نصب بمضمر دل عليه القارعة ، أي تقرع يوم يكون الناس . وقال الحوفي : تأتي يوم يكون .

وقيل : اذكر يوم .

وقرأ زيد بن عليّ : يوم يكون مرفوع الميم ، أي وقتها .{ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ } ، قال قتادة : هو الطير الذي يتساقط في النار . وقال الفراء : غوغاء الجراد ، وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض يركب بعضه بعضاً من الهول .

وقيل : الفراش طير دقيق يقصد النار ، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق . شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام ، والتطاير إلى الداعي من كل جهة حتى تدعوهم إلى ناحية المحشر ، كالفراش المتطاير إلى النار . قال جرير : إن الفرزدق ما علمت وقومه

مثل الفراش عشين نار المصطلي

٥

وتكون الجبال كالعهن . . . . .

وقرن بين الناس والجبال تنبيهاً على تأثير تلك القارعة في الجبال حتى صارت كالعهن المنفوش ؛ فكيف يكون حال الإنسان عند سماعها ؟

٦

انظر تفسير الآية:٧

٧

فأما من ثقلت . . . . .

وتقدم الكلام في الموازين وثقلها وخفتها في الأعراف ، وعيشة راضية في إلحاقة .

٩

فأمه هاوية

{فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } : الهاوية دركة من دركات النار ، وأمه معناه مأواه ، كما قيل للأرض أم الناس لأنها تؤويهم ، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب : فنحن بنوها وهي أمنا . وقال قتادة وأبو صالح وغيره : فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوساً .

وقيل : هو تفاؤل بشر ، وإذا دعوا بالهلكة قالوا هوت أمه ، لأنه إذا هوى ، أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلاً وحزناً . قال الشاعر : هوت أمه ما نبعث الصبح غاديا

وماذا يرد الليل حين يؤون

وقرأ الجمهور :{ فَأُمُّهُ } بضم الهمزة ، وطلحة بكسرها . قال ابن خالويه :

وحكى ابن دريد أنها لغة .

وأما النحويون فإنهم يقولون : لا يجوز كسر الهمزة إلا أن يتقدمها كسرة أو ياء ، انتهى .

١٠

وما أدراك ما . . . . .

{وَمَا أَدْرَاكَ } : هي ضمير يعود على هاوية إن كانت كما قيل دركة من دركات النار معروفة بهذا الاسم ، وإن كانت غير ذلك مما قيل فهي ضمير الداهية التي دل عليها قوله :{ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } ، والهاء فيما هيه هاء السكت ، وحذفها في الوصل ابن أبي إسحاق والأعمش وحمزة ، وأثبتها الجمهور :

١١

نار حامية

{نَّارٍ } : خبر مبتدأ محذوف ، أي هي نار ، أعاذنا اللّه منها بمنه وكرمه .

﴿ ٠