سورة العصرمكية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١والعصر هذه السورة مكية في قول ابن عباس وابن الزبير والجمهور ، ومدنية في قول مجاهد وقتادة ومقاتل . لما قال فيما قبلها : { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ } ، ووقع التهديد بتكرار { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } بين حال المؤمن والكافر . {وَالْعَصْرِ } ، قال ابن عباس : هو الدهر ، يقال فيه عصر وعصر وعصر ؛ أقسم به تعالى لما في مروره من أصناف العجائب . وقال قتادة : العصر : العشي ، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة . وقيل : العصر : اليوم والليلة ، ومنه قول حميد بن ثور : ولن يلبث العصران يوم وليلة إذا طلبا أن يدركا ما تيمما وقيل : العصر بكرة ، والعصر عشية ، وهما الأبردان ، فعلى هذا والقول قبله يكون القسم بواحد منهما غير معين . وقال مقاتل : العصر : الصلاة الوسطى ، أقسم بها . وبهذا القول بدأ الزمخشري قال : لفضلها بدليل قوله تعالى { حَافِظُواْ عَلَى } ، صلاة العصر ، في مصحف حفصة ، وقوله صلى اللّه عليه وسلم : { من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله } ، لأن التنكيف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم وتحاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم ، انتهى . وقرأ سلام : والعصر بكسر الصاد ، والصبر بكسر الباء . قال ابن عطية : وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة . وروي عن أبي عمرو : بالصبر بكسر الباء إشماماً ، وهذا أيضاً لا يكون إلا في الوقف ، انتهى . وفي الكامل للّهزلي : والعصر ، والصبر ، والفجر ، والوتر ، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها هارون وابن موسى عن أبي عمرو ؛ والباقون : بالإسكان كالجماعة ، انتهى . ٢انظر تفسير الآية:٣ ٣إن الإنسان لفي . . . . . وقال ابن خالويه : { وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ } ، بنقل الحركة عن أبي عمرو . وقال صاحب اللوامح عيسى : البصرة بالصبر ، بنقل حركة الهاء إلى الياء لئلا يحتاج أن يأتي ببعض الحركة في الوقف ، ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين ، وذلك لغة شائعة ، وليست شاذة بل مستفيضة ، وذلك دلالة على الإعراب ، وانفصال عن التقاء الساكنين ، ومادته حق الموقوف عليه من السكون ، انتهى . وقد أنشدنا في الدلالة على هذا في شرح التسهيل عدّة أبيات ، كقول الراجز : أنا جرير كنيتي أبو عمر أضرب بالسيف وسعد في القصر يريد : أبو عمر . والعصر والإنسان اسم جنس يعم ، ولذلك صح الاستثناء منه ، والخسر : الخسران ، كالكفر والكفران ، وأي خسران أعظم ممن خسر الدنيا والآخرة ؟ وقرأ ابن هرمز وزيد بن عليّ وهارون عن أبي بكر عن عاصم : خسر بضم السين ، والجمهور بالسكون . ومن باع آخرته بدنياه فهو في غاية الخسران ، بخلاف المؤمن ، فإنه اشترى الآخرة بالدنيا ، فربح وسعد . { وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ } : أي بالأمر الثابت من الذين عملوا به وتواصوا به ، { وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ } في طاعة اللّه تعالى ، وعن المعاصي . |
﴿ ٠ ﴾