سورة الفيلمكية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١ألم تر كيف . . . . . الفيل أكبر ما رأيناه من وحوش البر يجلب إلى ملك مصر ، ولم تره بالأندلس بلادنا ، ويجمع في القلة على أفيال ، وفي الكثرة على فيول وفيلة . الأبابيل : الجماعات تجيء شيئاً بعد شيء . قال الشاعر : كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل وقال الأعشى : طريق وخبار رواء أصوله عليه أبابيل من الطير تنعب قال أبو عبيدة والفراء : لا واحد له من لفظه ، فيكون مثل عبابيد وبيادير . وقيل : واحده إبول مثل عجول ، وقيل : ابيل مثل سكين ، وقيل : وذكر الرقاشي ، وكان ثقة ، أنه سمع في واحده إبالة ؛ وحكى الفراء : أبالة مخففاً . {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} هذه السورة مكية . ولما ذكر فيما قبلها عذاب الكفار في الآخرة ، أخبر هنا بعذاب ناس منهم في الدنيا . والظاهر أن الخطاب للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، يذكر نعمته عليه ، إذ كان صرف ذلك العدوّ العظيم عام مولده السعيد عليه السلام ، وإرهاصاً بنبوّته ، إذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول ، من خوارق العادات والمعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . ومعنى { أَلَمْ تَرَ } : ألم تعلم قدره على وجود علمه بذلك ؟ إذ هو أمر منقول نقل التواتر ، فكأنه قيل : قد علمت فعل اللّه ربك بهؤلاء الذين قصدوا حرمه ، ضلل كيدهم وأهلكهم بأضعف جنوده ، وهي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل . وقصة الفيل ذكرها أهل السير والتفسير مطولة ومختصرة ، وتطالع في كتبهم . وأصحاب الفيل : أبرهة بن الصباح الحبشي ومن كان معه من جنوده . والظاهر أنه فيل واحد ، وهو قول الأكثرين . وقال الضحاك : ثمانية فيلة ، وقيل : اثنا عشر فيلاً ، وقيل : ألف فيل ، وهذه أقوال متكاذبة . وكان العسكر ستين ألفاً ، لم يرجع أحد منهم إلا أميرهم في شرذمة قليلة ، فلما أخبروا بما رأوا هلكوا . وكان الفيل يوجهونه نحو مكة لما كان قريباً منها فيبرك ، ويوجهونه نحو اليمن والشام فيسرع . وقال الواقدي : أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمن الرسول صلى اللّه عليه وسلم. وقرأ السلمي : ألم تر بسكون ، وهو جزم بعد جزم . ونقل عن صاحب اللوامح ترأ بهمزة مفتوحة مع سكون الراء على الأصل ، وهي لغة لتيم ، وتر معلقة ، والجملة التي فيها الاستفهام في موضع نصب به ؛ وكيف معمول لفعل . وفي خطابه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم بقوله : { فَعَلَ رَبُّكَ } تشريف له صلى اللّه عليه وسلم وإشادة من ذكره ، كأنه قال : ربك معبودك هو الذي فعل ذلك لا أصنام قريش أساف ونائلة وغيرهما . |
﴿ ١ ﴾