٥

في جيدها حبل . . . . .

والظاهر أن الحبل من مسد . وقال عروة بن الزبير ومجاهد وسفيان : استعارة ، والمراد سلسلة من حديد في جهنم . وقال قتادة : قلادة من ودع . وقال ابن المسيب : قلادة فاخرة من جوهر ، فقالت : واللات والعزى لأنفقنها على عداوة محمد .

قال ابن عطية : وإنما عبر عن قلادتها بحبل من مسد على جهة التفاؤل لها ، وذكر تبرجها في هذا السعي الخبيث ، انتهى . وقال الحسن : إنما كانت خرزاً .

وقال الزمخشري : والمعنى في جيدها حبل مما مسد من الحبال ، وأنها تحمل الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها ، كما يفعل الحطابون تحسيساً لحالها وتحقيراً لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدة . ولقد عير بعض الناس الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب ، فقال :

ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي

أم ما تعير من حمالة الحطب

غرساء شاذخة في المجد سامية

كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب

ويحتمل أن يكون المعنى : إن حالها يكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك ، فلا يزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجر الزقوم أو الضريع ، وفي جيدها حبل مما مسد من سلاسل النار ، كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه ، انتهى .

ولما سمعت أم جميل هذه السورة أتت أبا بكر ، وهو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في المسجد وبيدها فهر ، فقالت : بلغني أن صاحبك هجاني ، ولأفعلنّ وأفعلن ؛ وأعمى اللّه تعالى بصرها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فروي أن أبا بكر ، رضي اللّه تعالى عنه ، قال لها : هل تري معي أحداً ؟ فقالت : أتهزأ بي ؟ لا أرى غيرك . وإن كان شاعراً فأنا مثله أقول :

مذمماً أبينا

ودينه قلينا

وأمره عصينا فسكت أبو بكر ومضت هي ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { لقد حجبتني عنها ملائكة فما رأتني وكفى اللّه شرها} . وذكر أنها ماتت مخنوقة بحبلها ، وأبو لهب رماه اللّه تعالى بالعدسة بعد وقعة بدر بسبع ليال .

﴿ ٥