٨٥قوله عز وجل { ثم أنتم هؤلاء } يعني يا هؤلاء، وهؤلاء للتنبيه { تقتلون أنفسكم } أي (يقتل) بعضكم بعضاً { وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم } بتشديد الظاء أي تتظاهرون أدغمت التاء في الظاء، وقرأ عاصم و حمزة و الكسائي بتخفيف الظاء فحذفوا تاء التفاعل وأبقوا تاء الخطاب ك قوله تعالى { ولا تعاونوا } معناهما جميعاً تتعاونون، والظهير العون { بالإثم والعدوان } المعصية والظلم { وإن يأتوكم أسارى } وقرأ حمزة أسرى، وهما جمع أسير، ومعناهما واحد { تفادوهم } بالمال وتنقذوهم وقرأ أهل المدينة و عاصم و الكسائي و يعقوب ( تفادوهم ) أي تبادلوهم، أراد مفاداة الأسيربالأسير، وقيل معنى القراءتين واحد. ومعنى الآية قال السدي إن اللّه تعالى أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضاً، ولا يخرج بعضهم بعضاً من ديارهم، وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام من ثمنه وأعتقوه، فكانت قريظة حلفاء الأوس، والنضير حلفاء الخزرج، وكانوا يقتتلون في حرب سمير؟ فيقاتل بنو قريظة وحلفاؤهم وبنو النضير وحلفاؤهم وإذا غلبوا أخربوا ديارهم وأخرجوهم منها، وإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه وإن كان الأسير من عدوهم، فتعيرهم الاعرب وتقول كيف تقاتلونهم وتفدونهم قالوا إنا أمرنا أن نفديهم فيقولون فلم تقاتلونهم؟ قالوا إنا نستحيي أن يستذل حلفاؤنا، فعيرهم اللّه تعالى بذلك فقال { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم } وفي الآية تقديم وتأخير ونظمها (وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان) { وهو محرم عليكم إخراجهم } وإن يأتوكم أسارى تفادوهم، فكأن اللّه تعالى أخذ عليهم أربعة عهود ترك القتال، وترك الاخراج، وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم، وفداء أسراهم، فأعرضوا عن الكل إلا الفداء. قال اللّه تعالى { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض } قال مجاهد يقول إن وجدته في يد غيرك فديته وأنت تقتله بيدك { فما جزاء من يفعل ذلك منكم } يا معشر اليهود { إلا خزي } عذاب وهوان { في الحياة الدنيا } فكان خزي قريظة القتل والسبي وخزي النضير الجلاء والنفي من منازلهم إلى أذرعات وأريحاء من الشام { ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب } وهو عذاب النار { وما اللّه بغافل عما تعملون } قرأ ابن كثير و نافع وأبو بكر بالياء، والباقون بالتاء قوله عز وجل { أولئك الذين اشتروا }. |
﴿ ٨٥ ﴾