١٩٨

قوله تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم }

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي

أخبرنا محمد بن يوسف

أخبرنا محمد بن إسماعيل

أخبرنا علي بن عبد اللّه

أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها

فأنزل اللّه تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } في مواسم الحج، قرأ ابن عباس كذا، وروى عن أبي أمامة التيمي قال قلت لابن عمر إنا قوم نكري في هذا الوجه، يعني إلى مكة، فيزعمون أن لا حج لنا، فقال ألستم تحرمون كما يحرمون وتطوفون كما يطوفون وترمون كما يرمون؟ قلت بلى، قال أنت حاج جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجبه بشيء حتى نزل جبريل بهذه الآية { ليس عليكم جناح } أي حرج { أن تبتغوا فضلاً } أي رزقاً { من ربكم } يعني بالتجارة في مواسم الحج { فإذا أفضتم } دفعتم، والإفاضة دفع بكثرة وأصله من قول العرب أفاض الرجل ماء أي صبه { من عرفات } هي جمع عرفة، جمع بما حولها وإن كانت بقعة واحدة كقولهم ثوب أخلاق.

واختلفوا في المعنى الذي لأجله سمي الموقف واليوم عرفة فقال عطاء  كان جبريل عليه السلام يري إبراهيم عليه السلام المناسك ويقول عرفت؟ فيقول عرفت فسمي ذلك المكان عرفات واليوم عرفة،

وقال الضحاك  إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض وقع بالهند وحواء بجدة فجعل كل واحد منهما يطلب صاحبه فاجتمعا بعرفات يوم عرفة وتعارفا فسمي اليوم يوم عرفة والموضع عرفات، وقال السدي لما أذن إبراهيم في الناس بالحج وأجابوه بالتلبية وأتاه من أتاه أمره اللّه أن يخرج إلى عرفات ونعتها له فخرج فلما بلغ الجمرة عند القعبة استقبله الشيطان ليرده فرماه بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فطار فوقع على الجمرة الثانية، فرماه وكبر فطار، فلما نظر إليه لم يعرفه فجاز فسمي ذا المجاز، ثم انطلق حتى وقف بعرفات فعرفها بالنعت فسمي الوقت عرفة والموضع عرفات حتى إذا أمسى ازدلف إلى جمع، أي قرب إلى جمع، فسمي المزدلفة.

وروي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنه أن إبراهيم عليه السلام رأى ليلة التروية في منامه أنه يؤمر بذبح ابنه فلما أصبح روى يومه أجمع أي فكر، أمن اللّه تعالى هذه الرؤيا أم من الشيطان؟ فسمي اليوم يوم التروية، ثم رأى ذلك ليلة عرفة ثانياً فلما أصبح عرف أن ذلك من اللّه تعالى فسمي اليوم يوم عرفة،

وقيل سمي بذلك لأن الناس يعترفون في ذلك اليوم بذنوبهم،

وقيل سمي بذلك من العرف وهو الطيب، وسمي منىً لأنه يمنى فيه الدم أي يصب فيكون فيه الفروث والدماء ولا يكون الموضع طيباً وعرفات طاهرة عنها فتكون طيبة.

قوله تعالى { فاذكروا اللّه } بالدعاء والتلبية { عند المشعر الحرام } وهو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى المحسر، وليس المأزمان ولا المحسر من المشعر، وسمي مشعراً من الشعار وهي العلامة لأنه من معالم الحج، وأصل الحرام من المنع فهو، ممنوع أن يفعل فيه ما لم يؤذن فيه، وسمي المزدلفة جمعاً لأنه يجمع فيه بين صلاتي العشاء، والإفاضة من عرفات تكون بعد غروب الشمس، ومن جمع قبل طلوعها من يوم النحر. قال طاووس كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس ومن مزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير كيما نغير فأخر اللّه هذه وقدم هذه.

أخبرنا أبو الحسن السرخسي

أخبرنا زاهر بن أحمد

أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي

أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد اللّه بن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول (( دفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ فلم يسبغ الوضوء، فقلت له الصلاة يا رسول اللّه قال فقال الصلاة أمامك، فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً )).

وقال جابر  { دفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهللّه ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس}.

أخبرنا عبد الواحد المليحي

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي

أخبرنا محمد بن يوسف

أخبرنا محمد بن إسماعيل

أخبرنا زهير بن حرب

أخبرنا وهب بن جرير

أخبرنا أبي عن يونس الأيلي عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن أسامة بن زيد كان ردف النبي صلى اللّه عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة ثم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى، قال فكلاهما قال لم يزل النبي صلى اللّه عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة.

قوله تعالى { واذكروه كما هداكم } أي واذكروه بالتوحيد والتعظيم كما ذكركم بالهداية فهداكم لدينه ومناسك حجه { وإن كنتم من قبله لمن الضالين } أي وقد كنتم،

وقيل وما كنتم من قبله إلا من الضالين. ك

قوله تعالى { وإن نظنك لمن الكاذبين } (١٨٦-الشعراء) أي وما نظنك إلا من الكاذبين، والهاء في قوله (( من قبله )) راجعة إلى الهدى،

وقيل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كناية عن غير مذكور.

﴿ ١٩٨