٦١

قوله عز وجل { فمن حاجك فيه} أي جادلك في عيسى أو في الحق { من بعد ما جاءك من العلم} بأن عيسى عبد اللّه ورسوله { فقل تعالوا} وأصله تعالوا تفاعلوا من العلو فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، قال الفراء بمعنى تعال كأنه يقول ارتفع . قوله { ندع} جزم لجواب الأمر وعلامة الجزم سقوط الواد{ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} قيل أبناءنا اراد الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة . وانفسنا عنى نفسه وعلياً رضي اللّه عنه والعرب تسمى ابن عم الرجل نفسه، كما

قال اللّه تعالى { ولا تلمزوا أنفسكم}(١١- الحجرات) يريد اخوانكم

وقيل هو على العموم الجماعة أهل الدين {ثم نبتهل} قال ابن عباس رضي اللّه عنهما  أي نتضرع في الدعاء ،

وقال الكلبي  نجتهد ونبالغ في الدعاء وقال الكسائي وابو عبيدة نلتعن والابتهال، الالتعان يقال عليه بهلة اللّه أي لعنته {فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين } منا ومنكم في امر عيسى ، فلما قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية على وفد نجران ودعاهم الى المباهلة قالوا حتى نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك غداً، فخلا بعضهم ببعض فقالوا للعاقب وكان ذا رأيهم  ياعبد المسيح ماترى ؟ قال واللّه لقد عرفتكم يامعشر النصارى أن محمداً نبي مرسل، واللّه مالا عن قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لنهلكن فإن أبيتم إلا الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا الى بلادكم ، فأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد غدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم محتضناً للحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم إذا أنا دعوت فآمنوا فقال أسقف نجران  يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا اللّه ان يزيل جبلاً من مكانه لزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض منكم نصراني الى يوم القيامة ، فقالوا يا أبا القاسم  قد رأينا أن لا نلاعنك وان نتركك على دينك ونثبت على ديننا ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإن أبيتم المباهلة فاسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فأبوا فقال فإني أنابذكم فقالوا مالنا بحرب العرب طاقة ، ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة ، ألفاً في صفر وألفاً في رجب ، فصالحهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ذلك وقال  والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتى الطير على الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا.

﴿ ٦١