١٢١

قوله تعالى { وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال } ،قال الحسن هو يوم بدر ، و

قال مقاتل  يوم الأحزاب ، وقال سائر المفسرين  هو يوم أحد ، لأن ما بعده الى قريب من آخر السورة في حرب أحد . قال مجاهدو الكلبي والواقدي  غدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من منزل عائشة رضي اللّه عنها فمشى على رجليه الى احد فجعل يصف اصحابه للقتال كما يقوم القدح. قال محمد بن إسحاق والسدي عن رجالهما إن المشركين نزلوا باحد يوم الأربعاء فلما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بنزولهم استشار أصحابه ودعا عبد اللّه بن ابي بن سلول ولم يدعه قط قبلها فاستشاره ، فقال عبد اللّه بن أبي وأكثر الأنصار  يارسول اللّه أقم بالمدينة لا تخرج اليهم ، فواللّه ما خرجنا منها الى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه ، فكيف وأنت فينا ، فدعهم يارسول اللّه فإن أقاموا أقاموا بشر مجلس ، وان دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم ، وإن رجعوا رجعوا خائبين . فأعجب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا الرأي. وقال بعض اصحابه  يارسول اللّه اخرج بنا إلى هذه الأكلب ، لايرون أنا جبنا عنهم وضعفنا ، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {أني رأيت في منامي بقراً تذبح، فأولتها خيراً ، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً فأولتها هزيمةً، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة ،فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة }. وكان يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة فيقاتلوا في الأزقة ، فقال رجال من المسلمين ممن فاتهم يوم بدر واكرمهم اللّه الشهادة يوم أحد  اخرج بنا الى أعدائنا . فلم يزالوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، من حبهم للقاء القوم ، حتى دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلبس لأمته ، فلما رأوه قدلبس السلاح ندموا ، وقالوا بئس ما صنعنا، نشير على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والوحي يأتيه ، فقاموا واعتذروا اليه وقالوا  اصنع ما رأيت ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم {لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل }. وكان قد أقام المشركون باحد يوم الأربعاء والخميس ، فراح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم الجمعة بعدما صلى بأصحابه الجمعة ، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار ، فصلى عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم خرج إليهم ، فأصبح بالشعب من احد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة ، فكان من حرب أحد ماكان ، فذلك

قوله تعالى {وإذ غدوت من أهلك} أي واذكر اذا غدوت من اهلك { تبوء المؤمنين } أي تنزل المؤمنين { مقاعد للقتال} أي مواطن ، ومواضع للقتال ، يقال  بوأت القوم اذا وطنتهم ، وتبوؤا هم اذا تواطنوا ، قال اللّه تعالى {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق } (يونس-٩٣) وقال { أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا } (يونس-٨٧)

وقيل تتخذ معسكراً ، {واللّه سميع عليم}.

﴿ ١٢١