١٩

{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً}، نزلت في أهل المدينة كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام،إذا مات الرجل وله أمراً جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عصبته فألقى ثوبه على تلك المرأة وعلى خبائها ، فصار أحق بها من نفسها ومن غيره، فإن شاء تزوجها بغير صداق إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت، وإن شاء زوجها غيره واخذ صداقها، وإن شاء عضلها ومنعها من الأزواج يضارها لتفتدي منه بما ورثته من الميت، أو تموت هي فيرثها،فإن ذهبت المرأة إلى أهلها قبل أن يلقي عليها ولي زوجها ثوبه فهي أحق بنفسها، فكانوا على هذا حتى توفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري وترك امرأته كبيشة بنت معن الأنصارية ، فقام ابن له من غيرها يقال له حصن، وقال مقاتل بن حيان  اسمه قيس بن أبي قيس، فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ، ثم تركها ولم ينفق عليها، يضارها لتفتدي منه، فأتت كبيشة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت يا رسول اللّه إن أبا قيس توفي وورث نكاحي ابنه فلا هو ينفق علي ولا يدخل بي ولا يخلي سبيلي ، فقال اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر اللّه،

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً}. قرأحمزة والكسائي كرهاً بضم الكاف ، ها هنا وفي التوبة وقرأ الباقون بالفتح قال الكسائي  هما لغتان . قال الفراء  الكره بالفتح ما اكره عليهن وبالضم ما كان من قبل نفسه من المشقة. {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} أي لا تمنعوهن من الأزواج لتضجر فتفتدي ببعض مالها، قيل هذا خطاب لأولياء الميت، والصحيح انه خطاب للأزواج. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما هذا في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضارها لتفتدي وترد إليه ما ساق إليها من المهر، فنهى اللّه تعالى عن ذلك ، ثم قال {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}فحينئذ يحل لكم إضرارهن ليفتدين منكم.

واختلفوا في الفاحشة،قال ابن مسعودوقتادة هي النشوز، وقال بعضهم وهو قولالحسن هي الزنا،يعني المرأة إذا نشزت،أو زنت حل للزوج أن يسألها الخلع ، وقال عطاء كان الرجل إذا أصابت امرأته فاحشةً اخذ منها ما ساق إليها وأخرجها ، فنسخ اللّه تعالى ذلك بالحدود. وقرأابن كثيروأبو بكر{مبينة} ،{ مبينات }بفتح الياء، ووافق أهل المدينة والبصرة في {مبينات} والباقون بكسرها. {وعاشروهن بالمعروف}،قالالحسن رجع إلى أول الكلام، يعني{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}{وعاشروهن بالمعروف}والمعاشرة بالمعروف هي الإجمال في القول والمبيت والنفقة ،

وقيل هو أن يتصنع لها كما تتصنع له،{فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل اللّه فيه خيراً كثيراً}، قيل هو ولد صالح، أو يعطفه اللّه عليها.

﴿ ١٩