سورة السجدة

مكية، قال عطاء إلا ثلاث آيات من قوله {أفمن كان مؤمناً} إلى آخر ثلاث آيات.

١

{الم}.

٢

{تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين}، قال مقاتل لا شك فيه أنه تنزيل من رب العالمين.

٣

{أم يقولون}، بل يقولون {افتراه}،

وقيل الميم صلة، أي أيقولون افتراه؟ استفهام توبيخ.

وقيل أم بمعنى الواو، أي ويقولون افتراه.

وقيل فيه إضمار، مجازه فهل يؤمنون، أم يقولون افتراه، ثم قال {بل هو}، يعني القرآن، {الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم} أي لم يأتهم، {من نذير من قبلك}، قال قتادة كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم. وقال ابن عباس، ومقاتل ذلك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلوات اللّه عليهما {لعلهم يهتدون}.

٤

{اللّه الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون}.

٥

{يدبر الأمر}، أي يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر، {من السماء إلى الأرض}،

وقيل ينزل الوحي مع جبريل من السماء إلى الأرض، {ثم يعرج}، يصعد، {إليه}، جبريل بالأمر، {في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}، أي في يوم واحد من أيام الدنيا وقدر مسيرة ألف سنة، خمسمائة نزوله، وخمسمائة صعوده، لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام، يقول لو سار فيه أحد بني آدم لم يقطعه إلا في ألف سنة، والملائكة يقطعونه في يوم واحد، هذا في وصف عروج الملك من الأرض إلى السماء، وأما قوله {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} (المعارج-٤)، أراد مدة المسافة بين الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل، يسير جبريل والملائكة والذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا. هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك،

وقوله إليه أي إلى اللّه.

وقيل على هذا التأويل، أي إلى مكان الملك الذي أمره اللّه عز وجل أن يعرج إليه.

وقال بعضهم ألف سنة وخمسون ألف سنة كلها في القيامة، يكون بعضهم أطول وعلى بعضهم أقصر، معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا، ثم يعرج أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا، وانقطاع أمر الأمراء وحكم الحكام في يوم كان مقداره ألف سنة، وهو يوم القيامة، وأما قوله {خمسين ألف سنة} فإنه أراد على الكافر يجعل اللّه ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة، وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث {أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا}. وقال إبراهيم النخعي لا يكون على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر. ويجوز أن يكون هذا إخباراً عن شدته وهوله ومشقته. وقال ابن أبي مليكة دخلت أنا وعبد اللّه بن فيروز مولى عثمان بن عفان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن قوله خمسين ألف سنة؟ فقال له ابن عباس أيام سماها اللّه لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب اللّه ما لا أعلم.

٦

{ذلك عالم الغيب والشهادة}، يعني ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السموات والأرض عالم ما غاب عن الخلق وما حضر، {العزيز الرحيم}.

٧

{الذي أحسن كل شيء خلقه}، قرأ نافع وأهل الكوفة {خلقه} بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها، أي أحسن خلق كل شيء، قال ابن عباس أتقنه وأحكمه. قال قتادة حسنه. وقال مقاتل علم كيف يخلق كل شيء، من قولك فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه.

وقيل خلق كل حيوان على صورته لم يخلق البعض على صورة البعض، فكل حيوان كامل في خلقه حسن، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه. {وبدأ خلق الإنسان من طين}، يعني آدم.

٨

{ثم جعل نسله}، يعني ذريته، {من سلالة}، نطفة، سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان {من ماء مهين}، أي ضعيف وهو نطفة الرجل.

٩

{ثم سواه}، ثم سوى خلقه، {ونفخ فيه من روحه}، ثم عاد إلى ذريته، فقال {وجعل لكم}، بعد أن كنتم نطفاً، {السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون}، يعني لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه.

١٠

{وقالوا}، يعني منكري البعث، { أإذا ضللنا }، هلكنا، {في الأرض}، وصرنا تراباً، وأصله من قولهم ضل الماء في اللبن إذا ذهب، { أإنا لفي خلق جديد }، استفهام إنكار. قال اللّه عز وجل {بل هم بلقاء ربهم كافرون}، أي بالبعث بعد الموت.

١١

{قل يتوفاكم}، يقبض أرواحكم، {ملك الموت الذي وكل بكم}، أي وكل يقبض أرواحكم وهو عزرائيل، والتوفي استيفاء العدد، معناه أنه يقبض أرواحهم حتى لا يبقى أحد من العدد الذي كتب عليه الموت. وروي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخذ منها صاحبها ما أحب من غير مشقة، فهو يقبض أنفس الخلق في مشارق الأرض ومغاربها، وله أعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب.

وقال ابن عباس إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب. وقال مجاهد جعلت له الأرض مثل طست يتناول منها حيث يشاء. وفي بعض الأخبار أن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض فينزع أعوانه روح الإنسان فإذا بلغ ثغره نحره فقبضه ملك الموت. وروى خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب، وهو يتصفح وجوه الناس، فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم مرتين، فإذا رأى إنساناً قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة، وقال الآن يزار بك عسكر الأموات. قوله {ثم إلى ربكم ترجعون}، أي تصيرون إليه أحياءً فيجزيكم بأعمالكم.

١٢

{ولو ترى إذ المجرمون}، المشركون، {ناكسوا رؤوسهم}، مطأطئو رؤوسهم، {عند ربهم}، حياءً وندماً، {ربنا}، أي يقولون ربنا، {أبصرنا}، ما كنا به مكذبين، {وسمعنا}، منك تصديق ما أتتنا به رسلك.

وقيل أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا، {فارجعنا} فارددنا إلى الدنيا، {نعمل صالحاً إنا موقنون}، وجواب لو مضمر مجازه لرأيت العجب.

١٣

{ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}، رشدها وتوفيقها للإيمان، {ولكن حق}، وجب، {القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}، وهو قوله لإبليس {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} (ص-٨٥).

١٤

ثم يقال لأهل النار -وقال مقاتل إذا دخلوا النار قالت لهم الخزنة {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، أي تركتم الإيمان به في الدنيا، {إنا نسيناكم}، تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون}، من الكفر والتكذيب.

١٥

قوله عز وجل {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها}، وعظوا بها، {خروا سجداً}، سقطوا على وجوههم ساجدين، {وسبحوا بحمد ربهم}، قيل صلوا بأمر ربهم.

وقيل قالوا سبحان اللّه وبحمده، {وهم لا يستكبرون}، عن الإيمان والسجود له.

١٦

{تتجافى}، ترتفع وتنبو، {جنوبهم عن المضاجع}، جمع مضجع، وهو الموضع الذي يضطجع عليه، يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل، الذين يقومون للصلاة.

واختلفوا في المراد بهذه الآية، قال أنس نزلت فينا معشر الأنصار، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى اللّه عليه وسلم. وعن أنس أيضاً قال نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم كانوا يصلون صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر، وقالا هي صلاة الأوابين. وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء، وهي صلاة الأوابين. وقال عطاء هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة. وعن أبي الدرداء، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت رضي اللّه عنهم هم الذين يصلون العشاء الآخرة والفجر في جماعة. وروينا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال {من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة}.

أخبرنا أبو الحسن السرخسي،

أخبرنا زاهر بن أحمد،

أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي،

أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال {لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً}. وأشهر الأقاويل أن المراد منه صلاة الليل، وهو قول الحسن، ومجاهد، ومالك، والأوزاعي وجماعة.

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الصالحي،

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران،

أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار،

أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي،

أخبرنا عبد الرزاق،

أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، {عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في سفرنا فأصبحت يوماً قريباً منه وهو يسير فقلت يا رسول اللّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال قد سألت عن أمر عظيم، وإنه ليسير على من يسره اللّه عليه، تعبد اللّه ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ }تتجافى جنوبهم عن المضاجع{ حتى بلغ }جزاء بما كانوا يعملون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول اللّه، قال رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا نبي اللّه، قال فأخذ بلسانه فقال اكفف عليك هذا، فقلت يا نبي اللّه وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم}. حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد بن زياد الحنفي،

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد المخلدي،

أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني،

أخبرنا حمد بن زنجويه،

أخبرنا أبو عبد اللّه بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة لكم إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم}.

أخبرنا عبد الواحد المليحي،

أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني،

أخبرنا حميد بن زنجويه،

أخبرنا روح بن أسلم،

أخبرنا حماد بن سلمة،

أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود قال {قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته، فيقول اللّه لملائكته انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبةً فيما عندي وشفقاً مما عندي، ورجل غزا في سبيل اللّه فانهزم معه أصحابه، فعلم ما عليه في الإنهزام وما له في الرجوع، فرجع فقاتل حتى أهريق دمه، فيقول اللّه لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقاً مما عندي حتى أهريق دمه}.

أخبرنا أبو عثمان الضبي،

أخبرنا أبو محمد الجراحي،

أخبرنا أبو العباس المحبوبي،

أخبرنا أبو عيسى الترمذي،

أخبرنا قتيبة بن سعيد،

أخبرنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة قال {قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر اللّه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل}.

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الصالحي،

أخبرنا أبو الحسين بن بشران،

أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار،

أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي،

أخبرنا عبد الرزاق،

أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق، عن أبي مالك الأشعري قال {قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها اللّه لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام}.

أخبرنا عبد الواحد المليحي،

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي،

أخبرنا محمد بن يوسف،

أخبرنا محمد بن إسماعيل،

أخبرنا إصبغ، أخبرني عبد اللّه بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب،

أخبرنا الهيثم بن أبي سنان، أخبرني أنه سمع أبا هريرة في قصصه يذكر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول {إن أخاً لكم لا يقول الرفث، يعني بذلك عبد اللّه بن رواحة}، قال وفينا رسـول اللّه يتلـو كتـابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا بــه مـوقنــات أن مـا قــال واقــع يبيت يجافي جنبـه عـن فراشـه إذا اسـتثقلت بالكـافريـن المضاجع قوله عز وجل {يدعون ربهم خوفاً وطمعاً}، قال ابن عباس خوفاً من النار وطمعاً في الجنة، {ومما رزقناهم ينفقون}، قيل أراد به الصدقة المفروضة.

وقيل عام في الواجب والتطوع.

١٧

{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم}، قرأ حمزة ويعقوب أخفي لهم ساكنة الياء، أي أنا أخفي لهم، ومن حجته قراءة ابن مسعود تخفي بالنون. وقرأ الآخرون بفتحها. {من قرة أعين}، مما تقر به أعينهم، {جزاءً بما كانوا يعملون}.

أخبرنا عبد الواحد المليحي،

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي،

أخبرنا محمد بن يوسف،

أخبرنا محمد بن إسماعيل،

أخبرنا إسحاق بن نصر،

أخبرنا أبو أسامة عن الأعمش،

أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال {يقول اللّه تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخراً بله ما اطلعتم عليه}، ثم قرأ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون}. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما هذا مما لا تفسير له. وعن بعضهم قال أخفوا أعمالهم فأخفى اللّه ثوابهم.

١٨

قوله عز وجل {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون}، نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه، وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد بن عقبة لعلي اسكت فإنك صبي وأنا واللّه أبسط منك لساناً، وأحد منك سناناً، وأشجع منك جناناً، وأملأ حشواً في الكتيبة. فقال له علي اسكت فإنك فاسق،

فأنزل اللّه تعالى {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون}، ولم يقل لا يستويان، لأنه لم يرد مؤمناً واحداً وفاسقاً واحداً، بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين.

١٩

{أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى}، التي يأوي إليها المؤمنون، {نزلاً بما كانوا يعملون}.

٢٠

{وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها

وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}.

٢١

{ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر}، أي سوى العذاب الأكبر، {لعلهم يرجعون}، قال أبي بن كعب، والضحاك، والحسن، وإبراهيم العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها، وهو رواية الوالبي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. وقال عكرمة عنه الحدود. وقال مقاتل الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. وقال ابن مسعود هو القتل بالسيف يوم بدر، وهو قول قتادة والسدي، {دون العذاب الأكبر}، يعني عذاب الآخرة، {لعلهم يرجعون}، إلى الإيمان، يعني من بقي منهم بعد بدر وبعد القحط.

٢٢

{ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين}، يعني المشركين، {منتقمون}.

٢٣

{ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه}، يعني فلا تكن في شك من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس وغيره.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي،

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي،

أخبرنا محمد بن يوسف،

أخبرنا محمد بن إسماعيل،

أخبرنا محمد بن بشار،

أخبرنا غندر، عن شعبة، عن قتادة رحمه اللّه قال وقال لي حذيفة،

أخبرنا يزيد بن زريع،

أخبرنا سعيد عن قتادة، عن أبي العالية قال

أخبرنا ابن عم نبيكم -يعني ابن عباس- عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال {رأيت ليلة أسري بي موسى رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلاً مربوعاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس، ورأيت مالكاً خازن النار، والدجال في آيات أراهن اللّه إياه فلا تكن في مرية من لقائه}.

أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، خبرنا عبد اللّه المحاملي،

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم البزاز،

أخبرنا محمد بن يونس،

أخبرنا عمر بن حبيب القاضي،

أخبرنا سليمان التيمي، عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره}. وروينا في المعراج أنه رآه في السماء السادسة ومراجعته في أمر الصلاة. قال السدي فلا تكن في مرية من لقائه، أي من تلقى موسى كتاب اللّه بالرضا والقبول.

٢٤

{وجعلناه}، يعني الكتاب وهو التوراة، وقال قتادة موسى، { وجعلناه هدى لبني إسرائيل }، يعني من بني إسرائيل، {أئمةً}، قادة في الخير يقتدى بهم، يعني الأنبياء الذين كانوا فيهم. وقال قتادة أتباع الأنبياء، {يهدون}، يدعون، {بأمرنا لما صبروا}، قرأ حمزة، والكسائي، بكسر اللام وتخفيف الميم، أي لصبرهم، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم، أي حين صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر، {وكانوا بآياتنا يوقنون}.

٢٥

{إن ربك هو يفصل}، يقضي، {بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}.

٢٦

{أولم يهد}، لم يتبين، {لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون}، آيات اللّه وعظاته فيتعظون بها.

٢٧

{أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز}، أي اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها، قال ابن عباس هي أرض باليمن. وقال مجاهد هي أرض بابين، {فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم}، من العشب والتبن، {وأنفسهم}، من الحبوب والأقوات، {أفلا يبصرون}.

٢٨

{ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين}، قيل أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الحكم بين العباد، قال قتادة قال أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم للكفار إن لنا يوماً نتنعم فيه ونستريح ويحكم بيننا وبينكم، فقالوا استهزاءً متى هذا الفتح؟ أي القضاء والحكم،

وقال الكلبي يعني فتح مكة. وقال السدي يوم بدر لأن أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم كانوا يقولون لهم إن اللّه ناصرنا ومظهرنا عليكم، فيقولون متى هذا الفتح.

٢٩

{قل يوم الفتح}، يوم القيامة، {لا ينفع الذين كفروا إيمانهم}، ومن حمل الفتح على فتح مكة أو القتل يوم بدر قال معناه لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا، {ولا هم ينظرون}، لا يمهلون ليتوبوا ويعتذروا.

٣٠

{فأعرض عنهم}، قال ابن عباس نسختها آية السيف، {وانتظر إنهم منتظرون}، قيل انتظر موعدي لك بالنصر إنهم منتظرون بك حوادث الزمان.

وقيل انتظر عذابنا فيهم فإنهم منتظرون ذلك.

أخبرنا عبد الواحد المليحي،

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي،

أخبرنا محمد بن يوسف،

أخبرنا محمد بن إسماعيل،

أخبرنا أبو نعيم،

أخبرنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة قال {كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة } الم * تنزيل {، و}هل أتى على الإنسان{}.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي،

أخبرنا أبو منصور السمعاني،

أخبرنا أبو جعفر الرياني،

أخبرنا حميد بن زنجويه،

أخبرنا أبو نعيم،

أخبرنا سفيان، عن ليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال {كان النبي صلى اللّه عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ }تبارك{ و} الم * تنزيل {}.

﴿ ٠