٣٥

قوله عز وجل {إن المسلمين والمسلمات}، الآية. وذلك أن أزواج النبي قلن يا رسول اللّه ذكر اللّه الرجال في القرآن ولم يذكر النساء بخير، فما فينا خير نذكر به، إنا نخاف أن لا يقبل منا طاعةً، فأنزل اللّه هذه الآية. قال مقاتل قالت أم سلمة بنت أبي أمية ونيسة بنت كعب الأنصارية للنبي صلى اللّه عليه وسلم ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه، نخشى أن لا يكون فيهن خير؟ فنزلت هذه الآية. وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فدخلت على نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن لا. فأتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت يا رسول اللّه إن النساء لفي خيبة وخسار، قال ومم ذاك؟ قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، فأنزل اللّه هذه الآية {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين}، المطيعين، {والقانتات والصادقين}، في إيمانهم وفيما ساءهم وسرهم، {والصادقات والصابرين}، على ما أمر اللّه به، {والصابرات والخاشعين}، المتواضعين، {والخاشعات}،

وقيل أراد به الخشوع في الصلاة، ومن الخشوع أن لا يلتفت، {والمتصدقين}، مما رزقهم اللّه، {والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم}، عما لا يحل، {والحافظات والذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات}، قال مجاهد لا يكون العبد من الذاكرين اللّه كثيراً حتى يذكر اللّه قائماً وقاعداً ومضطجعاً. وروينا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال {قد سبق المفردون، قالوا وما المفردون يا رسول اللّه؟ قال الذاكرون اللّه كثيراً والذاكرات}. قال عطاء بن أبي رباح من فوض أمره إلى اللّه عز وجل فهو داخل في قوله {إن المسلمين والمسلمات}، ومن أقر بأن اللّه ربه ومحمداً رسوله، ولم يخالف قلبه لسانه، فهو داخل في قوله {والمؤمنين والمؤمنات}، ومن أطاع اللّه في الفرض، والرسول في السنة فهو داخل في قوله {والقانتين والقانتات}، ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله {والصادقين والصادقات}، ومن صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى الرزية فهو داخل في قوله {والصابرين والصابرات}، ومن صلى ولم يعرف من عن يمينه وعن يساره فهو داخل في قوله {والخاشعين والخاشعات}، ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله {والمتصدقين والمتصدقات}، ومن صام في كل شهر أيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فهو داخل في قوله {والصائمين والصائمات}، ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل في قوله {والحافظين فروجهم والحافظات}، ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله {والذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات}. { أعد اللّه لهم مغفرة وأجرا عظيما }.

﴿ ٣٥