٢٩

{ محمد رسول اللّه }، تم الكلام ها هنا، قاله ابن عباس، شهد له بالرسالة، ثم قال مبتدئاً { والذين معه }، فالواو فيه للاستئناف، أي والذين معه من المؤمنين، { أشداء على الكفار }، غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة، { رحماء بينهم }، متعاطفون متوادون بعضهم لبعض، كالولد مع الوالد، كما قال { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } ٠المائدة-٥٤) { تراهم ركعاً سجداً }، أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها، { يبتغون فضلاً من اللّه }، أن يدخلهم الجنة، { ورضواناً }، أن يرضى عنهم، { سيماهم }، أي علامتهم، { في وجوههم من أثر السجود }، اختلفوا في هذه السيما فقال قوم هم نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا، وهو رواية عطية العوفي عن ابن عباس، قال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا. وقال شهر بن حوشب  تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر. وقال آخرون هو السمت الحسن والخشوع والتواضع. وهو رواية الوالبي عن ابن عباس قال ليس بالذي ترون ولكنه سيماء الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه. وهو قول مجاهد ، والمعنى أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به.

وقال الضحاك  هو صفرة الوجه من السهر.

وقال الحسن  إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى. قال عكرمة و سعيد بن جبير  هو أثر التراب على الجباه.

قال أبو العالية  إنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب. وقال عطاء الخراساني  دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس. { ذلك }، الذي ذكرت، { مثلهم }، صفتهم { في التوراة }، ها هنا تم الكلام، ثم ذكر نعتهم في الإنجيل، فقال { ومثلهم }، صفتهم، { في الإنجيل كزرع أخرج شطأه }، قرأ ابن كثير ، وابن عامر ((شطأه)) بفتح الطاء، وقرأ الآخرون بسكونها، وهما لغتان كالنهر والنهر، وأراد أفراخه، يقال أشطأ الزرع فهو مشطئ، إذا أفرخ،

قال مقاتل  هو نبت واحد، فإذا خرج بعده فهو شطؤه. و

قال السدي  هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى. قوله { فآزره }، قرأ ابن عامر ((فأزره)) بالقصر والباقون بالمد، أي قواه وأعانه وشد أزره، { فاستغلظ }، غلظ ذلك الزرع، { فاستوى }، أي تم وتلاحق نباته وقام، { على سوقه }، أصوله، { يعجب الزراع }، أعجب ذلك زراعه. هذا مثل ضربه اللّه عز وجل لأصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم في الإنجيل [أنهم يكونون قليلاً، ثم يزدادون ويكثرون.

قال قتادة  مثل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الإنجيل] مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

وقيل ((الزرع)) محمد صلى اللّه عليه وسلم، و ((الشطء)) أصحابه والمؤمنون. وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال { محمد رسول اللّه والذين معه } أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، { أشداء على الكفار } عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، (( رحماء بينهم )) عثمان رضي اللّه عنه، (( تراهم ركعاً سجداً )) علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، (( يبتغون فضلاً من اللّه )) بقية العشرة المبشرين بالجنة.

وقيل { كزرع أخرج } محمد، { أخرج شطأه } أبو بكر { فآزره } عمر { فاستغلظ } عثمان، لللإسلام { فاستوى على سوقه } علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه، (( يعجب الزراع )) قال هم المؤمنون. { ليغيظ بهم الكفار }، قول عمر لأهل مكة بعدما أسلم لا تعبدوا اللّه سراً بعد اليوم حدثنا أبو حامد بن محمد الشجاعي السرخسي إملاءً،

أخبرنا أبو بكر عبد اللّه بن أحمد القفال ، حدثنا أبو أحمد عبد اللّه بن محمد الفضل السمرقندي ، حدثنا شيخي أبو عبد اللّه محمد بن الفضل البلخي ، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن محمد الداوردي ، عن عبد الرحمن بن حميد ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال { أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة }. حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ،

أخبرنا أبو عبد الرحمن بن عثمان بن قاسم ، حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي ، حدثنا قطبة بن العلاء ، حدثنا سفيان الثوري ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال { أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر اللّه عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح }. ورواه معمر عن قتادة مرسلاً وفيه (( وأقضاهم علي )).

أخبرنا عبد الواحد المليحي ،

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي ،

أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا عبد العزيز المختار قال خالد الحذاء ، حدثنا عن أبي عثمان قال حدثني عمرو بن العاص أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل قال فأتيه فقلت أي الناس أحب إليك. قال عائشة،

فقلت  من الرجال. فقال أبوها، قلت ثم من؟ قال عمر بن الخطاب فعد رجالاً فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.

أخبرنا أبو منصور عبد المالك و أبو الفتح نصر ، ابنا علي بن أحمد بن منصور و محمد بن الحسين بن شاذويه الطوسي بها قالا حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب ،

أخبرنا الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك الأسدي ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل هو ابن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثنا أبي عن أبيه عن سلمة عن أبي الزعزاء عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال { اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد عبد اللّه بن مسعود }.

أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الصالحي ،

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ،

أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ،

أخبرنا معمر عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن أحداً ارتج وعليه النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر وعثمان، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم { اثبت أحد ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد }.

أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ،

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، حدثنا أبو سعيد الأشج ،

أخبرنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي قال عهد إلي النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. حدثنا أبو المظفر التميمي ،

أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان ،

أخبرنا خيثمة بن سليمان ، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني ، حدثنا محمد بن الفضل بن عطية ، عن عبد اللّه بن كسلم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال { من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة }. قوله عز وجل { ليغيظ بهم الكفار }، أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظاً للكافرين. قال مالك بن أنس من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية.

أخبرنا أبو الطيب طاهر بن محمد بن العلاء البغوي ، حدثنا أبو معمر المفضل بن إسماعيل بن إبراهيم الإسماعيلي ،

أخبرنا جدي أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرني الهيثم بن خلف الدوري ، حدثنا المفضل بن غسان بن المفضل العلائي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا عبيدة بن أبي رابطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد اللّه بن مغفل المزني قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { اللّه اللّه في أصحابي، اللّه اللّه في أصحابي، اللّه اللّه في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه، ومن آذى اللّه فيوشك أن يأخذه }. حدثنا أبو المظفر بن محمد بن أحمد بن حامد التميمي ،

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ،

أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان ، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسي القصار بالكوفة،

أخبرنا وكيع بن الجراح، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه }.

أخبرنا عبد الواحد المليحي ،

أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الحسين الزعفراني ، حدثنا أبو محمد عبد اللّه بن عروة ، حدثنا محمد بن الحسين بن محمد بن إشكاب ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن أبي خباب عن أبي سليم الهمذاني، عن أبيه، عن علي قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { إن سرك أن تكون من أهل الجنة فإن قوماً ينتحلون حبك يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، نبزهم الرافضة، فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون }، في إسناد هذا الحديث نظر. قول اللّه عز وجل { وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم }، قال ابن جرير  يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة، ورد الهاء والميم على معنى الشطء لا على لفظه، ولذلك لم يقل ((منه){ مغفرة وأجراً عظيماً }، يعني الجنة.

﴿ ٢٩