٣{ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللّه } الآية. قال أنس فكنا ننظر إلى رجل من أهل الجنة يمشي بين أيدينا، فلما كان يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذاب، رأى ثابت من المسلمين بعض الانكسار وانهزمت طائفة منهم، فقال أف لهؤلاء، ثم قال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة ما كنا نقاتل أعداء اللّه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مثل هذا، ثم ثبتا وقاتلا حتى قتلا، واستشهد ثابت وعليه درع، فرآه رجل من الصحابة بعد موته في المنام وأنه قال له اعلم أن فلاناً رجل من المسلمين نزع درعي فذهب بها وهي في ناحية منالمعسكر عند فرس يسير في طوله، وقد وضع على درعي برمة، فأت خالد بن الوليد وأخبره حتى يسترد درعي، وأت أبا بكر خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقل له إن علي ديناً حتى يقضى، وفلان من رقيقي عتيق، فأخبر الرجل خالداً فوجد درعه والفرس على ما وصفه له، فاسترد الدرع، وأخبر خالد أبا بكر بتلك الرؤيا فأجاز أبو بكر وصيته. قال مالك بن أنس لا أعلم وصيةً أجيزت بعد موت صاحبها إلا هذه. قال أبو هريرة وابن عباس لما نزلت هذه الآية كان أبو بكر لا يكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا كأخي السرار. وقال ابن الزبير لما نزلت هذه الآية ما حدث عمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك فيسمع النبي صلى اللّه عليه وسلم كلامه حتى يستفهمه مما يخفض صوته، فأنزل اللّه تعالى { إن الذين يغضون أصواتهم }، يخفضون { أصواتهم عند رسول اللّه }، إجلالاً له، { أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى }، اختبرها وأخلصها كما يمتحن الذهب بالنار فيخرج خالصه، { لهم مغفرة وأجر عظيم }. |
﴿ ٣ ﴾