٢فذلك قوله عز وجل {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب}، يعني بني النضير، {من ديارهم}، التي كانت بيثرب، قال ابن إسحاق كان إجلاء بني النضير بعد مرجع النبي صلى اللّه عليه وسلم من أحد وفتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان. {لأول الحشر}، قال الزهري كانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى، وكان اللّه عز وجل قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا. قال ابن عباس من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية، فكان هذا أول حشر إلى الشام، قال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم اخرجوا، قالوا إلى أين، قال إلى أرض المحشر، ثم يحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام. وقال الكلبي إنما قال {لأول الحشر} لأنهم كانوا أول من أجلي من أهل الكتاب من جزيرة العرب، ثم أجلى آخرهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه. قال مرة الهمداني كان أول الحشر من المدينة، والحشر الثاني من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحاء من الشام في أيام عمر. وقال قتادة كان هذا أول الحشر، والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا. {ما ظننتم}، أيها المؤمنون {أن يخرجوا}، من المدينة لعزتهم ومنعتهم، وذلك أنهم كانوا أهل حصون وعقار ونخيل كثيرة. {وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من اللّه}، أي وظن بنو النضير أن حصونهم تمنعهم من سلطان اللّه، {فأتاهم اللّه}، أي أمر اللّه وعذابه، {من حيث لم يحتسبوا}، وهو أنه أمر نبيه صلى اللّه عليه وسلم بقتالهم وإجلائهم وكانوا لا يظنون ذلك، {وقذف في قلوبهم الرعب}، بقتل سيدهم كعب بن الأشرف. {يخربون}، قرأ أبو عمرو بالتشديد، والآخرون بالتخفيف، ومعناهما واحد، {بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين}، قال الزهري وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما صالحهم على أن لهم ما أقلت الإبل، كانوا ينظرون إلى الخشب في منازلهم فيهدمونها وينزعون منها ما يستحسنونه فيحملونه على إبلهم، ويخرب المؤمنون باقيها. قال ابن زيد كانوا يقلعون العمد، وينقضون السقوف، وينقبون الجدران، ويقلعون الخشب حتى الأوتاد، يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون حسداً منهم وبغضا. قال قتادة كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ويخربها اليهود من داخلها. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها لتتسع لهم المقاتل، وجعل أعداء اللّه ينقبون دورهم في أدبارها فيخرجون إلى النبي بعدها فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم، ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذلك قوله عز وجل {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا}، فاتعظوا وانظروا فيما نزل بهم، {يا أولي الأبصار}، يا ذوي العقول والبصائر. |
﴿ ٢ ﴾