٣٥قوله تعالى وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة أسكن معناه لازم الإقامة ولفظه لفظ الأمر ومعناه الأذن واختلف في الجنة التي أسكنها آدم عليه السلام هل هي جنة الخلد جنة أخرى ت والأول هو مذهب أهل السنة والجماعة وكلا منها أي من الجنة والرغد العيش الدار الهني وحيث مبنية على الضم وقوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة معناه لا تقرباها بأكل والهاء في هذه بدل من الياء وتحتمل هذه الإشارة أن تكون إلى شجرة معينة واحدة واختلف في هذه الشجرة ما هي فقال ابن عباس وابن مسعود هي الكرم وقيل هي شجرة التين وقيل السنبلة وقيل غير ذلك وقوله فتكونا من الظالمين الظالم في اللغة الذي يضع الشيء في غير موضعه والظلم في أحكام الشرع على مراتب أعلاها الشرك ثم ظلم المعاصي وهي مراتب وأزلهما مأخوذ من الزلل وهي في الآية مجاز لأنه في الرأي والنظر وإنما حقيقة الزلل في القدم وقرأ حمزة فأزالهما مأخوذ من الزوال ولا خلاف بين العلماء أن إبليس اللعين هو متولي إغواء آدم عليه السلام واختلف في الكيفية فقال ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء أغواهما مشافهة بدليل قوله تعالى وقاسمهما والمقاسمة ظاهرها المشافهة وقال طائفة أن إبليس لم يدخل الجنة بعد أن اخرج منها وإنما أغوى آدم بشيطانه وسلطانه ووساوسه التي أعطاه اللّه تعالى كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ت وإلى هذا القول نحا المازري في بعض أجوبته ومن ابتلى بشيء من وسوسة هذا اللعين فأعظم الأدوية له الثقة باللّه والتعوذ به والإعراض عن هذا اللعين وعدم الالتفات إليه ما أمكن قال ابن عطاء اللّه في لطائف المنن كان بي وسواس في الوضوء فقال لي الشيخ أبو العباس المرسي إن كنت لا تترك هذه الوسوسة لا تعد تأتنا فشق ذلك علي وقطع اللّه الوسواس عني وكان الشيخ أبو العباس يلقن للوسواس سبحان الملك الخلاق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على اللّه بعزيز انتهى قال عياض في الشفا وأما قصة آدم عليه السلام وقوله تعالى فاكلا منها بعد قوله ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وقوله تعالى ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وتصريحه تعالى عليه بالمعصية بقوله وعصى آدم ربه فغوى أي جهل وقيل أخطأ فإن اللّه تعالى قد أخبر بعذره بقوله ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما قال ابن عباس نسي عداوة إبليس وما عهد اللّه إليه من ذلك بقوله إن هذا عدو لك ولزوجك الآية وقيل نسي ذلك بما أظهر لهما وقال ابن عباس إنما سمي الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي وقيل لم يقصد المخالفة استحلالا لها ولكنهما اغترا بحلف إبليس لهما إنى لكما لمن الناصحين وتوهما أن احدا لا يحلف باللّه حانثا وقد روي عذر آدم مثل هذا في بعض الآثار وقال ابن جبير حلف باللّه لهما حتى غرهما والمؤمن يخدع وقد قيل نسي ولم ينو المخالفة فلذلك قال تعالى ولم نجد له عزما أي قصدا للمخالفة واكثر المفسرين على أن العزم هنا الحزم والصبر وقال ابن فورك وغيره أنه يمكن أن يكون ذلك قبل النبوءة ودليل ذلك قوله تعالى وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فذكر ان الاجتباء والهداية كانا بعد العصيان وقيل بل اكلها وهو متأول وهو لا يعلم أنها الشجرة التي نهي عنها لانه تأول نهي اللّه تعالى عن شجرة مخصوصة لا على الجنس ولهذا قيل إنما كانت التوبة من ترك التحفظ لا من المخالفة وقيل تأول أن اللّه تعالى لم ينهه عنها نهي تحريم انتهى بلفظه فجزاه اللّه خيرا ولقد جعل اللّه في شفاه شفاء والضمير في عنها يعود على الجنة وهنا محذوف يدل عليه الظاهر تقديره فأكلا من الشجرة |
﴿ ٣٥ ﴾